إذا وقع أسير من أهل البغي في أيدي أهل العدل، فإن كان من أهل القتال، و هو الشاب والجلد الذي يقاتل، كان له حبسه ولم يكن له قتله، وقال بعضهم له قتله والأول مذهبنا.
فإذا ثبت أنه لا يقتل فإنه يحبس، وتعرض عليه المبايعة، فإن بايع على الطاعة والحرب قائمة، قبل ذلك منه وأطلق، وإن لم يبايع ترك في الحبس، فإذا انقضت الحرب فإن أتوا تائبين أو طرحوا السلاح وتركوا القتال أو ولوا مدبرين إلى غير فئة أطلقناه، وإن ولوا مدبرين إلى فئة لا يطلق عندنا في هذه الحالة، وقال بعضهم يطلق لأنه لا يتبع مدبرهم، وقد بينا أنه يتبع مدبرهم إذا ولوا منهزمين إلى فئة.
وإن كان الأسير من غير أهل القتال كالنساء والصبيان والمراهقين والعبيد قال قوم لا يحبسون بل يطلقون، لأنهم ليسوا من أهل المبايعة، وقال بعضهم يحبسون كالرجال الشباب سواء، وهو الأقوى عندي، لأن في ذلك كسرا لقلوبهم، وفلا لجمعهم وهكذا الحكم فيمن لا يقاتل كالزمن والشيخ الفاني الحكم فيه كالحكم في النساء و الصبيان سواء.
إذا سأل أهل البغي الإنظار وتأخير القتال نظرت، فإن سألوا إنظارهم زمانا قليلا كاليوم ونحو ذلك أنظرهم ليدبروا ويتفكروا في الطاعة، لأنه من المصلحة، و إن سألوا الإنظار مدة طويلة كالشهر ونصف الشهر ونحو هذا، بحث الإمام عن هذا ونظر فيه، فإن علم أنها مكيدة وتدبير على القتال والتجمع لذلك، عاجلهم بالقتال حذرا أن يتم عليهم منهم ما يتعبه وربما وقع الظفر به، وإن علم أن القصد التكفؤ والتدبير في الطاعة، ورجى دخولهم في طاعته أنظرهم لأنها مصلحة.
ومتى قلنا لا يمهلهم فسألوه الإنظار ببذل مال بذلوه لم يجز أخذ المال على تأخير قتالهم، وهو لا يأمن قوتهم واشتداد شوكتهم، لأن المال إنما يؤخذ على ترك القتال ذلة وصغارا، ولا صغار على المسلمين ولأنه ربما أنفق أكثر مما يأخذ منهم.
فإن سألوا الإنظار ببذل الرهاين من أولادهم ونحو هذا لم يجز له تأخير القتال