لا يرجى فقد استقر القصاص أو الدية.
وإن قالوا يرجى عوده لكنه لا نحده غير أنا لا نايس من عوده إلا بموته فعليه القود أو الدية، لأنه قد علق بمدة يفضي إلى سقوط الضمان وإن قالوا يرجى إلى سنة ولا يرجى بعدها، أمهلناه لأنه لا يموت بالتأخير إلى مدة معلومة، فإن انتهت المدة ولم يعد استقر القصاص أو الدية.
فإن مات قبل انتهاء المدة استقر القصاص أو الدية لأنه قد تحقق عدم البصر فإن اختلفا فقال الجاني بصره عاد قبل وفاته، وقال وليه لم يعد، فالقول قول الولي لأن الأصل أنه ما عاد حتى يعلم عوده.
فإن كانت بحالها ولم يمت في المدة لكن جاء أجنبي فقلع العين كان على الأول القود أو الدية، وعلى الثاني حكومة، وعندنا عليه ثلث دية العين لأن الأول ذهب بالضوء، والثاني قلع عينا لا ضوء لها فهي كعين الأعمى، فإن اختلف الجانيان فقال الأول عاد ضوؤهما فلا شئ على لأنك قلعتها بعد عوده، وقال الثاني ما كان عاد فلا قود علي ولا دية، فالقول قول الثاني مع يمينه.
فإن قال المجني عليه صدق الأول قد كان عاد بصري، قلنا له فقد أبرأت الأول عن الضمان، وشهادتك لا يقبل على الثاني، لأنك تريد أن يلزمه القود لك أو الدية بقولك، فلهذا لم يقبل قوله.
إذا جنا عليه فنقص بصره، فإن ذكر أنه قد نقص بصره في العينين معا لم يمكن معرفة قدره ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا من جهته، فكان القول قوله مع يمينه، فإذا حلف قضى له الحاكم بقدر ما يؤدي اجتهاده إليه، وروي في أخبارنا أن عينيه تقاسان إلى عين من هو في سنه ويستظهر عليه بالأيمان.
فأما إذا نقص ضوء إحداهما أمكن اعتباره بالمسافة، وهو أن يعصب العليلة و يطلق الصحيحة وينصب له شخص على نشز أو تل أو ربوة أو في مستو من الأرض فكلما ذكر أنه يبصره فلا يزال يباعد عليه حتى ينتهي مدى بصره فإذا قال: قد انتهى، غير ما عليه لون الشخص حتى يعلم صدقه من كذبه، لأن قصده أن يبعد المدى فإنه