وإن كان يعلم منهم ما يعتقدونه، وكف عنهم لإظهار الشهادتين فرفع السيف عنهم بهذا الظاهر، ولم يتعرض لم يستنبطونه.
فإذا ثبت هذا نظرت فإن صرحوا بسب الإمام عزروا عندهم لمعنيين: أحدهما لو سب غير الإمام عزر، فبأن يعزر إذا سب الإمام كان أولى، ولأن فيه تقصيرا في حقه، وعندنا يجب قتلهم إذا سبوا الأئمة، وإن لم يصرحوا له بالسب لكنهم عرضوا له به عزروا.
وقال قوم لا يعزرون لأن عليا عليه السلام لما سمع قول القائل " لا حكم إلا الله " يعني حكمت في دين الله لم يعزره، والأول مذهبنا لأنه لو عرض بالقذف عزر كذلك إذا عرض بالشتم والسب وجب أن يعزر ولأنه إن لم يعزر أفضى إلى التصريح.
فإذا تقرر أنهم لا يقتلون ما داموا في قبضة الإمام فإن بعث الإمام إليهم واليا فقتلوه أو قتلوا صاحبا للإمام غير الوالي، وكان القتل مكابرة ظاهرة في جوف البلد، فعليهم القود، لما روي أن عليا عليه السلام بعث عبد الله بن خباب عاملا على الخوارج بالنهروان فقتلوه، فأرسل إليهم أن ادفعوا إلينا قاتله لنقتله به، فلم يفعلوا، وقالوا كلنا قتله، فقال استسلموا بحكم الله عليكم فأبوا فسار إليهم فقاتلهم وأصاب أكثرهم.
وإذا تقرر أنا نقتله قصاصا فهل يتحتم القصاص أم لا؟ قال قوم يتحتم لأنهم و إن كانوا معه في البلد فقد شهروا السلاح معاندين، وقتلوه، فهم كقطاع الطريق سواء وهذا مذهبنا، وقال آخرون لا يتحتم، ولولي القتل أن يعفو عن القتل لأن قطاع الطريق متى شهروا السلاح وأخافوا السبيل لقطع الطريق وأخذ أموال الناس فقتلهم متحتم وهؤلاء قتلوه جهرا لغير هذا فلم يتحتم عليهم القود.
إذا حضر النساء والصبيان والعبيد القتال مع أهل البغي، قوتلوا مع الرجال وإن أتى القتل عليهم، لأن العادل يقاتل أهل البغي في حكم الدافع عن نفسه وماله ولو قصدها له وأعانته امرأة له أو عبد له أو غلام مراهق كان له قتله، وإن أتى القتل عليه.