لأنه ربما قويت شوكتهم، فإذا قاتلونا لم يحل لنا قتل الرهاين، لأن الجاني غيرهم فلهذا لم نأخذ الرهاين.
وإن كان في أيدي أهل البغي أسير من أهل العدل، فطلبوا الصلح من أهل العدل والحرب قائمة، وضمنوا تخلية من عندهم من الأسرى، وأعطوا بذلك رهائن قبلت الرهاين، واستوثق للمسلمين، ثم ينظر فإن أطلقوا من في أيديهم من الأسارى أطلق أساراهم، وإن قتلوا الأسارى لم يقتل أساراهم لأن القاتل غيرهم، ثم ينظر فيهم فإن كانت الحرب قائمة لم يطلق الأسارى، فإذا انقضت الحرب أطلقوا رهاينهم كما يطلق أسيرهم سواء.
إن خاف على الفئة العادلة الضعف لقلتها، وخاف أن تنالهم نكبة من أهل البغي كان له الإنظار حتى يشتد شوكته، ويقوي أمره، ويكثر جنده، لأنه لا يأمن إن قاتلهم أن يهزموه وربما استأصلوا شأفئة، فلهذا كان له إنظارهم.
إذا استعان أهل البغي على قتال أهل العدل بالمشركين لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يستعينوا بأهل الحرب أو بأهل الذمة أو بالمستأمنين.
فإن استعانوا بأهل الحرب وعقدوا لهم ذمة أو أمانا على هذا، كان ما فعلوه باطلا لا ينعقد لهم أمان، ولا يثبت لهم ذمة، لأن من شرط صحة عقد الذمة أن يبذلوا الجزية ويجري عليهم أحكامنا، ولا يجتمعوا على قتال المسلمين، فإذا كان هذا شرطا في صحة عقد الذمة، لم يجز الذمة بشرط قتال المسلمين.
وأيضا لو كان لهم عهد وذمة مؤبدة فقاتلوا المسلمين انتقض عهدهم، فبأن لا يثبت لهم ذمة بهذا الشرط أولى، وأيضا عقد الأمان يقتضي الكف عنا وأن نكف عنهم وهذا شرط أن لا يكف بعضنا عن بعض، وهذا يبطل العهد.
فإذا ثبت أنه لا ينعقد لهم أمان ولا عهد، فإذا أعانوا أهل البغي على قتال أهل العدل، كانوا كالمنفردين عنهم بالقتال، يقاتلون ويقتلون، مقبلين ومدبرين كأهل الحرب سواء، فإن وقعوا في الأسر كان الإمام مخيرا فيهم بين المن والقتل والاسترقاق والفداء.