لأنه يعرف عرضه وطوله وعمقه، فيستوفيه بالمساحة، فلهذا اعتبرناها بالمساحة.
فبان الفصل بينهما.
قد ذكرنا في الخلاف الشجاج وأن الذي يقتص منها الموضحة فحسب وحدها وما عداها فيه الدية، أو الحكومة على الخلاف فيها، والكلام في كيفية القصاص و جملته أنا نعتبر في القصاص المماثلة، وينظر إلى طول الشجة وعرضها، لأن عرضها يختلف باختلاف الحديدة فإن كانت الحديدة غليظة كانت الشجة عريضة، وإن كانت دقيقة كانت الشجة دقيقة، فاعتبرنا مساحة طولها وعرضها فأما الأطراف فلا يعتبر فيها الكبر والصغر، بل يؤخذ اليد الغليظة بالدقيقة، والسمينة بالهزيلة، ولا نعتبر المساحة لما تقدم.
وإنما نعتبر الاستواء في السلامة مع التكافي الحرية، قال الله تعالى " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن " فاعتبر الاسم فقط، فلهذا راعيناه. وليس كذلك الشجاج لأنا إذا اعتبرنا المساحة طولا وعرضا لم يسقط القصاص.
فأما عمق الشجة فلا نراعيه وإنما نراعي إيضاح العظم فقط، لأنا لو اعتبرنا العمق لم يمكن أخذ القصاص فإن أحد الرأسين قد يكون أغلظ من الآخر وأسمن و أكثر لحما منه، فلا يمكن اعتبار المماثلة، فالعمق في الشجة كالمساحة في الأطراف، والمساحة في الشجاج كالاسم في الأطراف.
فإذا ثبت ذلك، فالقصاص يجوز من الموضحة قبل الاندمال عند قوم، وقال قوم لا يجوز إلا بعد الاندمال، وهو الأحوط عندنا، لأنها ربما صارت نفسا.
وأول ما يعمل أن يجعل على موضع الشجة مقياسا من خيط أو خشبة، فإذا عرف قدرها حلق مثل ذلك المكان بعينه من رأس الشاج، ليكون أسهل على المقتص منه، لأنه لو كان الشعر قائما ربما جنى فأخذ أكثر من حقه، فإن لم يحلقه فقد ترك الاحتياط وكان جايزا، لأن استيفاء القصاص ممكن.
فإذا حلق المكان جعل ذلك المقياس عليه، وخط على الطرفين خطا بسواد أو