وأسقط ما كان ثبت بالاعتراف، لأن البينة مقدمة على الاعتراف فإذا حكمنا له بالبينة فجاء آخر فادعاه وأقام البينة أنه ولده: ولد على فراشه، حكمنا له به و أسقطنا غيره، لأن بينته شهدت له بالنسب مضافا إلى سببه فهو كما لو تنازعا فرسا فأقام أحدهما البينة أنه له وأقام الآخر البينة أنه نتج في ملكه كان من شهد بالنتاج أولى لأنه أضاف الملك إلى سببه فمتى استقر سببه منه ثبت النسب، فمتى قتل حكمنا له بأن له عاقلة.
إذا قتل الذمي خطأ فالذي رواه أصحابنا أن ديته على الإمام لأنه عاقلتهم من حيث يؤدون إليه الجزية ولا شئ على عاقلته، وقال المخالفون الدية على عاقلته من أهل الذمة، وإنما يعقل عنه منها من كان بينه وبينها النصرة والموالاة في الدية فأما أهل الحرب فلا يعقلون عن أهل الذمة، وإن كانوا عصباتهم لأن النصرة بينهم ساقطة والموالاة منقطعة، بدلالة أنه لا يرث الحربي ولا يرثه، وهكذا إذا كان عصبته مسلمين لم يعقلوا عنه لأن موالاة الدين بينهم منقطعة، وإن لم يكن له عاقلة من أهل الذمة فالدية في ماله ولا يعقل عنه من بيت مال المسلمين.
ولو رمى ذمي سهما إلى طاير ثم أسلم ثم وقع السهم في مسلم فقتله لم يعقل عنه أهل الذمة، لأن الإصابة حصلت منه وهو مسلم، ولا يعقل عنه المسلمون، لأن الإرسال حصل منه وهو ذمي، فيكون الدية في ذمته.
وهكذا إذا رمى مسلم سهما إلى طاير ثم ارتد ثم وقع السهم في مسلم فقتله فلا يعقل عنه المسلمون لأنه أصابه وهو مرتد ولا يعقل عنه الكفار لأنه أرسله وهو مسلم، فتكون الدية في ماله فأما إن انتقل يهودي إلى نصرانية أو مجوسية فمن قال لا يقر عليه قال هو كالمرتد لا يعقل عنه أهل الذمة الذين انتقل عنهم، ولا أهل الذمة الذين انتقل إليهم، ومن قال يقر عليه، فكأنه نصراني الأصل يقر على نصرانيته فيعقل أهل الذمة من