والصحيح أن له التوبة لقوله تعالى " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده (1) ".
وروى عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله عليه السلام أي الكبائر أكبر؟ قال:
أن تجعل لله ندا، وقد خلقك، قلت: ثم أي؟ قال أن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك، وفي بعضها قلت ثم أي قال أن تزني بحليلة جارك.
وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله قال أول ما ينظر الله بين الناس في الدماء وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: من أعان على قتل حر مسلم بشطر كلمة لقي الله مكتوبا بين عينيه: آيس من رحمة الله.
وروى أبو سعيد أن النبي صلى الله عليه وآله مر بقتيل فقال: من لهذا؟ فلم يذكر له أحد، فغضب ثم قال: والذي نفسي بيده لو اشترك فيه أهل السماء والأرض لأكبهم الله في النار، وهو أيضا معلوم خطره بدلالة العقل وإجماع الأمة.
فأما القصاص ووجوبه فدليله قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى (2) " وقال تعالى " ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل " وقال تعالى " ولكم في القصاص حياة " (3) وهذه أخصر كلمة وأعم فايدة، لأن معناها إذا علم القاتل أنه إذا قتل قتل كف عن القتل، فلم يقتل فلا يقتل، فصار حياة للجميع، وهو أخصر من قول العرب القتل أنفي للقتل، لأن قولهم أربعة عشر حرفا وكلمة القرآن عشرة أحرف، ثم لفظ القتل متكرر وعذوبة اللفظ بينهما ما بين السماء والأرض.
وقال تعالى " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى قوله " والجروح قصاص " (4) فإن قيل هذا إخبار عن شرع من تقدم فالجواب عنه أن ذلك وإن كان شرعا لمن تقدم فقد صار شرعا لنا بدليل الاجماع، على أنه قرئ النفس بالنفس نصبا والعين بالعين رفعا