(فصل) (في العاقلة) اختلفوا في معنى تسمية أهل العقل بأنهم عاقلة، منهم من قال العقل اسم للدية وعبارة عنها، وسمي أهل العقل عاقلة لتحملهم ذلك، يقال عقلت عنه إذا تحملتها عنه، وعقلت له إذا دفعت الدية إليه، ومنهم من قال إنما سميت بالعاقلة لأنها مانعة والعقل المنع، وذلك أن العشيرة كانت تمنع عن القاتل بالسيف في الجاهلية، فلما جاء الاسلام منعت عنه بالمال، فلهذا سميت عاقلة، وقال أهل اللغة العقل الشد، و لهذا يقال عقلت البعير إذا ثنيت ركبته وشددتها، وسمي ذلك الحبل عقالا فسمي أهل العقل عاقلة لأنها تعقل الإبل بفناء ولي المقتول والمستحق للدية، يقال عقل يعقل عقلا فهو عاقل وجمع العاقل عاقلة، وجمع العاقلة عواقل، والمعاقل جمع الديات وأي هذه المعاني كان، فلا يخرج أن معناه هو الذي يضمن الدية وبذلها لولي المقتول وأجمع المسلمون على أن العاقلة تحمل دية الخطأ إلا الأصم فإنه قال على القاتل، وبه قالت الخوارج ودية عمد الخطأ عندنا في مال القاتل مؤجلة سنتين مغلظة، وعند بعضهم على العاقلة مغلظة حالة عنده، ودية القتل إذا كان خطأ مخففة في ثلاث سنين في كل سنة ثلثها بلا خلاف إلا ربيعة، فإنه قال خمس سنين.
والعاقلة كل عصبة خرجت عن الوالدين والمولودين، وهم الإخوة وأبناؤهم و الأعمام وأبناؤهم وأعمام الجد وأبناؤهم وأعمام الأب وأبناؤهم والموالي، و قال بعضهم يدخل الوالد والولد فيها، ويعقل للقاتل، والأول أقوى عندي، لما روي من قصة أمير المؤمنين عليه السلام والزبير حيث تنازعا ميراث موالي صفية فقال أمير المؤمنين نحن نعقل ونرث.
فإذا ثبت أن الولد لا يعقل فلا فصل بين أن يكون ولدها ابن عمها أو لا يكون ابن عمها، فإنه لا يعقل عنها، وإن قلنا أنه يعقل من حيث إنه ابن عم كان قويا