فإذا ثبت أن الواجب عليهما الدية نصفين، فالكلام في المستحق لذلك، يكون للسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمة العبد أو نصف الدية، فإن كان نصف قيمته أقل من نصف الدية فلا شئ له غير أرش الجناية، لأن الزيادة حصلت بالسراية حال الحرية، فلا حق له فيها، وإن كان نصف القيمة أكثر من نصف الدية، فليس له إلا نصف الدية، لأن نصف القيمة نقصت بالجناية حال الحرية، فليس له إلا نصف الدية.
قالوا كيف قلتم في هذه المسألة للسيد أقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية، وقلتم في المسألة قبلها عليه أقل الأمرين من نصف قيمته أو كمال الدية.
قلنا الفصل واضح وذلك أن الجاني في الأولى واحد لا غير، فكان عليه بدل النفس كله، وكانت جنايته على ملك السيد، فلهذا كان له أقل الأمرين من نصف قيمته أو كمال الدية.
وليس كذلك في مسئلتنا لأن فيها جانيين: جان حال الرق، وجان حال الحرية، فعلى كل واحد منهما نصف الدية، فلو أوجبنا له أكثر من نصف الدية جعلنا بعض ذلك على الجاني حال الحرية، ولا شئ له على من جنى حال الحرية، فلهذا كان له أقل الأمرين من نصف قيمته أو نصف الدية.
والكلام بعده في جنس الدية وجنسها مائة من الإبل لأنها دية حر مسلم، و كانت من الإبل لأن الاعتبار بحال الاستقرار، وهو حال الاستقرار حر مسلم، فلهذا كانت الدية من الإبل فيكون للسيد منها أقل الأمرين من نصف قيمته أو نصف الدية فيكون للوارث النصف والباقي للسيد، فإن أراد وارث المجني عليه أن يعطي السيد نصف قيمة العبد ويستبقي الإبل لنفسه لم يكن له ذلك إلا برضى السيد، لأن حق السيد نفس الإبل، فلا يدفع عن حقه بغير رضاه.
وأما الكلام في التفريع عليها: إذا قطع حر يد عبد ثم أعتق ثم عاد فقطع يده الأخرى ثم اندمل الجرحان معا فلكل واحد حكم نفسه أما القطع حال الرق فلا قود عليه، لأنه حر قطع يد عبد، وعليه نصف قيمة العبد بالاندمال، لأن كل قطع اندمل