وإن سلم أنه كان يبصر بها لكنه خالفه فقال ذهبت ثم جنيت عليها قال قوم القول قول المجني عليه لأن الأصل السلامة حتى يعلم غيرها وقال آخرون الأصل براءة ذمة الجاني فالقول قوله مع يمينه وهما جميعا قويان والأول أقوى فأما الكلام فيما يصح تحمل الشهادة عليه أنه كان يبصر فهو أن يتبع الشخص بصره، ويتوقى بعينه ما يتوقى البصير في طرفه ونحوه، ويشاهد بتجنب البئر في طرفه وغيرها، ويعدل في العطفات خلف من يطلبه فإذا شاهدوه هكذا فقد تحملوا الشهادة على أنه بصير لأن هذه أفعال البصير، وهكذا الشهادة على صحة اليدين فهو أن يشاهد ببطش بهما بصنعة يعلمها أو كتابة ونحو ذلك.
فإذا عرف هذا عرف السلامة ويصح أن يشهد لليدين بالصحة وكذلك الصبي والمعتوه متى علم أنه صحيح فهو على الصحة حتى يعلم غيرها، ولا فرق بين الصغير والكبير في هذا الباب أكثر من المنازعة بين الجاني وبين وليه إذا كان مولى عليه، وبينه وبين المجني عليه إذا كان رشيدا وإذا توجهت اليمين على الرشيد حلف، وإذا توجهت على المولى عليه لم يحلف ولا وليه وترك حتى إذا بلغ الصبي وعقل المجنون حلف.
[دية الأجفان] في الأربعة أجفان الدية كاملة وفي كل واحدة منهما مائتان وخمسون دينارا و روى أصحابنا أن في السفلى ثلث ديتها، وفي العليا ثلثاها وقال بعضهم فيها الحكومة ومتى قلعت الأجفان والعينان معا ففي الكل ديتان، فإن جنى على إحداهما فأعدم إنباتها ففيها حكومة عند بعضهم وقال قوم فيها الدية وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
فإن أتلف الشعر والأجفان، قال قوم فيه دية فقط والشعر تبع، كما لو قطع اليد وعليها شعر، وقال آخرون في الأجفان دية وحكومة في الشعر لأن شعر العينين فيها جمال ومنفعة، وشعر اليد لا جمال فيه ولا منفعة، ويقتضي مذهبنا أن فيها ديتين.