الدنيا معروفا (1) " وروي أن أبا بكر أراد قتل أبيه يوم أحد فنهاه النبي عليه وآله السلام عنه وقال دعه ليلي قتله غيرك، وكف أبا حذيفة عن قتل أبيه. وإذا نهى عن قتل أبيه الحربي فبأن ينهى عن قتل الباغي أولى.
فإن خالف وقتله كان جايزا وروي أن أبا عبيدة قتل أباه فقال له النبي صلى الله عليه وآله لم قتلته؟ فقال سمعته يسبك فسكت ولم ينكر، ويجوز أن يقصد قتل أهل البغي لأنه محكوم بكفره، وقال قوم لا يقصد قتله، بل يقصد دفعهم وتفليل حدهم وتفريق جمعهم، كما يدفع الانسان عن نفسه وماله، وإن أتى على نفسه.
إذا قصد رجل رجلا يريد نفسه أو ماله أو حريمه فله أن يقاتله دفعا عن نفسه بأقل ما يمكنه دفعه به، وإن أتى ذلك على نفسه لقوله صلى الله عليه وآله " من قتل دون ماله فهو شهيد " فإذا ثبت أن ذلك له، فهل يجب عليه الدفع عن نفسه أم لا؟ قال قوم يجب عليه لقوله تعالى " ولا تقتلوا أنفسكم " وقوله " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " و لأنه قادر على ما به خلاص نفسه من التلف، فلزمه فعله كالطعام والشراب.
وقال آخرون لا يجب عليه وله أن يستسلم للقتل فإن عثمان استسلم للقتل مع القدرة على الدفع، لأنه قيل أنه كان في داره أربع مائة مملوك فقال من ألقى سلاحه فهو حر فلم يقاتل أحد فقتل، والأول أقوى لأن دفع الضرر واجب عن النفس بحكم العقل وكذلك المضطر إلى طعام أو شراب نجس وجب عليه أن يتناوله وقال بعضهم لا يجب لأنه يتوقا نجاسة، فإن قصده قاصد ليقتله وكان قادرا على الهرب منه وجب عليه الهرب وقال قوم لا يجب وقال آخرون إن كان يقدر على دفعه عن نفسه لا يجب فإن لم يقدر على دفعه وقدر على الهرب وجب عليه الهرب.
أمان الحر المسلم والمرأة وأمان العبد إذا كن مأذونا له في القتال صحيح بلا خلاف فإذا ثبت أنه جايز فإنما يجوز أن يعقد الأمان لآحاد المشركين، والنفر اليسير، كالقافلة الصغيرة ونحو هذا، فأما إن أراد عقد الأمان لكل المشركين أو لجنس من