ومن قال يعقل قال يؤخرون عن المولى من فوق، فإذا لم يبق أحد منهم عقل المولى من أسفل، فإن لم تكن فحينئذ في بيت المال.
إذا قتل خطأ ووجبت الدية لم تخل العاقلة من ثلاثة أحوال إما أن تكون حاضرة في بلد القتل أو غايبة أو بعضها حاضرا وبعضها غايبا، فإن كانت كلها حاضرة مثل أن كانت له إخوة وبنوهم وأعمام وبنوهم في ذلك البلد قسطنا الدية على الأقرب فالأقرب فإن اتسعوا لها وإلا فالباقي على الموالي أو في بيت المال على ما مضى.
وإن كانت الدرجة متفقة إخوة كلهم بنو إخوة كلهم لم تخل الدية من ثلاثة أحوال إما أن تكون وفق عددهم أو أكثر من عددهم أو أقل فإن كانت وفق العدد وضعناه على الموسر نصف دينار وعلى المتجمل ربع دينار، فعددنا الموسر والمتجمل فكان وفق الدية ألزمناهم الدية، ولا كلام، فإن كانت الدية أكثر من عددهم وهو إن وزعنا عليهم على ما مضى، وبقي بقية من الدية نقلت الفضلة إلى الموالي أو إلى بيت المال.
وإن كانت الدية أقل من عددهم مثل أن ألزمناهم كل غني نصف دينار، و كل متجمل ربع دينار، فقلت الدية وبقي قوم من العاقلة، فما الحكم فيه؟ قال قوم يوزع على الكل بالحصة، فيلزم الغني ما يخصه بالحصة من نصف دينار، و المتجمل ما يخصه من ربع دينار حتى يكونوا في العقل سواء، وقال آخرون للإمام أن يخص بالعقل من شاء منهم على الغني نصف دينار وعلى المتجمل ربع دينار ولا شئ على الباقين لأن في توزيعها على الكل بالحصص مشقة، وربما لزم على جنايتها أكثر منها، وهذا أقوى فمن قال يوزع على الكل فلا كلام، ومن قال يخص الإمام بالعقل من يرى منهم فعل ما يراه.
فأما إن كانت العاقلة غائبة مثل أن كان القاتل ببغداد والعاقلة بالشام، فعلى حاكم بغداد أن يكتب إلى حاكم الشام بالحادثة، ويعرفه صورة الحال، فإذا ثبت ذلك عند حاكم الشام وزعها على عاقلة القاتل، كما لو كان القاتل عندهم بالشام وقد فصلناه.
وإن كان بعض العاقلة حاضرا وبعضها غايبا لم يخل من أحد أمرين إما أن تكون