درجة العاقلة مختلفة أو متفقة، فإن كانت مختلفة إخوة وأعمام نظرت، فإن كان الأقرب هو الحاضر فالحاضر أولى، لأنهم انفردوا بقرب الدرجة والدار معا، و فيهم المسائل الثلاثة، وإن كان الأبعد هو الحاضر، فالغايب أولى، لأن قرب الدرجة مقدم على قرب الدار، وفيهم المسائل الثلاثة.
وإن كانت الدرجة سواء كانوا إخوة كلهم وبعضهم حاضر وبعضهم غائب، قال قوم الحاضر أولى لأنهم تساووا في الدرجة وانفرد هؤلاء بقرب الدار، وقال آخرون يقسط على من غاب وحضر، وهو الأقوى عندي، لأنه حق يتعلق بالتعصيب فاستوى فيه الغائب والحاضر كالميراث فمن قال يقسط على الكل ففيها المسائل الثلاثة: إما أن تكون الدية وفق العدد أو تكون الدية أكثر أو أقل من عددهم وقد مضى.
ومن قال يوزع على كل من كان حاضرا ففيها المسائل الثلاث إن كانت وفق العدد فلا كلام، وإن كانت الدية أكثر نقل الفضل إلى أقربهم إليهم بلدا، فإن فضل منها نقلنا إلى من هو أبعد منهم، فأما إن كانت الدية أقل من عدد الحاضرين فالحكم على ما مضى إذا كانوا كلهم حاضرين، وكل موضع نقلنا الفضل ففي المنقول المسائل الثلاث.
الحليف لا يعقل ولا يعقل منه، والحليف أن يتحالف قوم على التناصر والتعاضد ودفع الظلم عنهم، ويكون اليد واحدة وكذلك العريد لا يعقل ولا يعقل عنه، و العريد هو الرجل ينضوي إلى قوم ويختلط بهم فيصير معدودا من جملة القبيلة، وقال بعضهم الحليف يعقل.
فأما عقد الموالاة فهو أن يتعاقد الرجلان لا يعرف نسبهما على أن يرث كل واحد منهما صاحبه، ويعقل عنه. عندنا أن ذلك عقد صحيح، وبه قال قوم، غير أنهم قالوا لا يرث أحدهما صاحبه، ما لم يعقل عنه، فإذا عقل أحدهما عن صاحبه لزم وأيهما مات ورثه الآخر، وقال قوم هذا عقد فاسد لا يتعلق به حكم.
والعاقلة قد بينا أنها عصبة الرجل، وإنما يعقل عنه من كان مناسبا معروف النسب منه، فأما إذا علم أنه من القوم ولم يعرف وجه النسب، ولا كيفيته فيهم،