مثل أن صار يخاف من غير خوف، ويفزع من الصياح، ويستوحش في غير موضعه، فهذا مدهوش لا يعلم قدر ما زال من عقله، فالواجب فيه أرش الجناية على ما يراه الحاكم ومتى جنى عليه جناية ذهب بها عقله لم يخل الجناية من أحد أمرين إما أن يكون فيها أرش أو لا أرش فيها، فإن لم يكن فيها أرش كاللطمة واللكمة ودق الرأس بما لا يشج ولا يكسر شيئا فليس في شئ من هذا أرش، وإنما عليه التعزير فيعزر وعليه دية العقل كاملة.
وإن كانت الجناية لها أرش قال قوم لا يدخل أرشها في دية العقل، سواء كان أرشها دون دية العقل، كالموضحة والمنقلة والمأمومة وغيرها، أو كان مثل دية العقل أو أكثر، كما لو قطع يديه ورجليه وقلع عينيه، فإنه يجب عليه في الجناية ما يجب فيها لو انفردت، ودية العقل واجبة مع ذلك وهذا هو مذهبنا.
وقال بعضهم إن كان أرش الجناية دون دية العقل، دخل في دية العقل كالموضحة والجائفة والمأمومة، وكسر الساعد والعضد ونحو هذا، وإن كان أرش الجناية أكثر من دية العقل دخل دية العقل فيه كما لو قطع يديه ورجليه فذهب عقله، وجملته أن الأقل منها يدخل في الأكثر وإذا ثبت أن دية الأطراف لا يدخل في ديته، فإنه لا قصاص فيه لأن محله مختلف فيه، منهم من قال محله الدماغ، ومنهم من قال القلب، ومنهم من قال بينهما، فإذا كان كذلك لا يمكن القود.
[دية العينين] وفي العينين الدية لقوله عليه السلام وفي العينين الدية وفي إحداهما نصف الدية بلا خلاف، وإذا جنى عليه جناية فذهب بها ضوء عينيه فعليه الدية لما رواه معاذ أن النبي صلى الله عليه وآله قال: وفي البصر الدية فإذا ثبت أن فيهما وفي ضوئهما الدية فلا فصل بين أن يكونا صغيرتين أو كبيرتين، مليحتين أو قبيحتين، عمشاوين أو صحيحتين.
ومتى جنى عليه جناية فادعى المجني عليه أنه قد ذهب ضوؤه مثل أن لطمه أو أوضحه أو دق رأسه، فذكر أن ضوءه ذهب أريتاه رجلين عدلين من أهل الخبرة بذلك إن كانت الجناية عمدا أو رجلا وامرأتين إذا كانت خطأ، فإن زعموا أن البصر بحاله سقط قوله، وإن قالوا قد ذهب بصره قيل فهل يرجى عوده؟ نظرت، فإن قالوا