القود في النفس فالأصح عندنا وعندهم أن عليهما القود في النفس، وحكي عن بعضهم أن القطع في الطرف عليهما دون القود في النفس وأما الواجب فهو الدية دية حر مسلم لأن الجناية إذا كانت مضمونة، فإذا سرت إلى النفس وهي مضمونة كان الاعتبار بحال الاستقرار، فهو حال الاستقرار حر مسلم، فكان فيه كمال الدية.
فإذا ثبت أن الواجب هو الدية، فعلى كل واحد من الجناة ثلثها، لأن النفس هلكت بجنايتهم، وقد وجب فيها الدية، فكانت عليهم أثلاثا: ثلثها على الجاني حال الرق، والثلثان على من جنى حال الحرية.
وأما من يجب ذلك له، فإن الواجب على من جنا حال الحرية لورثته لا يستحق السيد شيئا منه بحال، لأنهما جنيا على مال غيره، ولا يستحق على من جنا على غير ملكه شيئا بوجه، وأما الجاني حال الرق فقد جنا على ملك السيد وقد استقر عليه بهذه الجناية ثلث الدية.
وما للسيد من هذا الواجب؟ قال قوم له أقل الأمرين من أرش الجناية أو ثلث الدية، وقال آخرون له أقل الأمرين من ثلث القيمة أو ثلث الدية، والأول أصح عندنا لأن الأول لما جنا عليه هو ملك للسيد، فلما جنى عليه آخران بعد العتق وليس بملك للسيد، فكانت جنايتهما حال الحرية في حكم المعدومة في حق السيد إذ لا فرق بين عدمها وبين وجودها، ولا حق له فيها، وإذا كانت كالمعدومة كان الجاني حال الرق كالمنفرد بالجناية.
ولو انفرد بها ثم أعتق العبد ثم سرى إلى نفسه كان على الجاني أقل الأمرين من أرش الجناية أو كمال الدية، فإذا شارك من لا حق للسيد فيه صار عليه الثلث، وكان هذا الثلث مع الآخرين ككل الدية معه وحده فأوجبنا عليه أقل الأمرين من أرش الجناية أو ثلث الدية، لأنه إن كان الأرش بأقل من ثلثها فلا شئ له في الزيادة وإن كان أكثر من ثلثها فما وجب على الجاني في ملكه إلا ثلثها فلا يستحق عليه أكثر منها.
فإذا أردت التفريع على هذا القول قابلت بين أرش الجناية وقدر ما يجب على