إذا قطع أذن رجل فأبانها ثم ألصقها المجني عليه في الحال فالتصقت، كان على الجاني القصاص لأن القصاص عليه بالإبانة وقد أبانها، فإن قال الجاني أزيلوا أذنه ثم اقتصوا مني، قال قوم يزال لأنه ألصق بنفسه ميتة فإزالتها إلى الحاكم والإمام، فإذا ثبت هذا وقطع بها أذن الجاني ثم ألصقها الجاني فالتصقت فقد وقع القصاص موقعه لأن القصاص بالإبانة وقد أبينت.
فإن قال المجني عليه قد التصق أذنه بعد أن أبنتها أزيلوها عنه روى أصحابنا أنها تزال ولم يعللوا، وقال من تقدم إنها تزال لما تقدم لأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا يستقيم أيضا على مذهبنا.
فأما الصلاة في هذا الأذن الملتصقة فلا يصح عندهم، لأنه حامل نجاسة في غير موضعها لغير ضرورة، فلم يصح بها الصلاة، وهكذا يقتضيه مذهبنا، وهكذا قالوا إذا جبر عظمه بعظم ميتة، فإن لم يخف عليه التلف أزيل عنه، فإن لم يفعل لم يصح صلاته، وإن خاف التلف أقر عليه لأن النجاسة يزول حكمها، وعندنا الصلاة تصح في هذه، لأن العظم لا ينجس عندنا بالموت إلا إذا كان عظم ما هو نجس العين كالكلب والخنزير.
فإن قطع النصف من أذن الجاني قصاصا فألصقها فالتصقت كان للمجني عليه إبانتها بعد الاندمال، فيقطع الأصل والذي اندمل منها، لأن القصاص لا يحصل له إلا بالإبانة.
فأما إن قطع أذن رجل فلم يبنها بل تعلقت بجلده كان عليه القصاص لأنها قد انتهت إلى حد يمكن فيه المماثلة، وكذلك لو قطع يمين رجل فتعلقت بالجلدة كان له القصاص، لأنها قد انتهت إلى حد يمكن فيه المماثلة.
فإذا ثبت هذا اقتص منه إلى الجلدة ثم يسئل أهل الطب فإن قالوا المصلحة في تركها تركت وإن قالوا: المصلحة في قطعها قطعت.