(فصل) * (في القصاص والشجاج وغير ذلك) قد مضى الكلام في القصاص في النفس، وهيهنا القصاص فيما دون النفس، قال الله تعالى: " النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف " إلى قوله " والجروح قصاص " ففصل الأعضاء وعم في آخر الآية.
في القصاص فيما دون النفس شيئان جرح يشق، وعضو يقطع، فأما العضو الذي يقطع فكل عضو ينتهي إلى مفصل كاليد والرجل والعين والأنف واللسان والأذن و الذكر، ففي كلها قصاص لأن لها حدا ينتهي إليه.
وإنما يجب القصاص فيها بثلاثة شرايط التساوي في الحرية، وهي أن يكونا حرين مسلمين، أو يكون المجني عليه أكمل، والثاني الاشتراك في الاسم الخاص يمين بيمين، ويسار بيسار فإنه لا يقطع يمين بيسار ولا يسار بيمين، والثالث السلامة فإنا لا نقطع اليد الصحيحة باليد الشلاء فأما غير الأطراف من الجراح التي فيها القصاص وهو ما كان في الرأس والوجه لا غير، فإن القصاص يجب فيها بشرط واحد، وهو التكافئ في الحرية أو يكون المجني عليه أكمل.
وأما التساوي في الاسم الخاص فهذا لا يوجد في الرأس، لأنه ليس له رأسان ولا السلامة من الشلل، فإن الشلل لا يكون في الرأس.
والقصاص في الأطراف والجراح في باب الوجوب سواء، وإنما يختلفان من وجه آخر، وهو أنا لا نعتبر المماثلة في الأطراف بالقدر من حيث الكبر والصغر، ونعتبره في الجراح بالمساحة على ما نبينه فيما بعد.
والفصل بينهما أنا لو اعتبرنا المماثلة في الأطراف في القدر والمساحة أفضي إلى سقوط القصاص فيها، لأنه لا يكاد يدان يتفقان في القدر، وليس كذلك الجراح