لم يعقلوا عنه، مثل أن يكون الرجل من النوبة لا يعقل عنه النوبة حتى تعرف كيفية النسب بينهم، لأنا وإن علمنا أن المرجع إلى أب واحد فلا نعلم قبيلته ولا عصبته من ذلك، وكذلك لو كان من قريش أو عقيل لم تعقل عنه قريش ولا عقيل حتى يعلم من أي بطن هو، ومن عاقلته؟ وكذلك كل قبيلة تجري هذا المجرى كالترك والزنج ونحو ذلك، لأنا نعلم أن الناس كلهم يرجعون إلى أب واحد آدم ونوح عليهما السلام، و متى قتل رجل خطأ ولم يعرف كيفية نسبه لم يعقل عنه الناس من حيث النسب، و إن علمنا أن الأب واحد حتى نعلم كيفية النسب، وهكذا اللقيط ومن كان مجهول النسب الباب واحد، لا يعقل منه المسلمون من حيث القرابة والنسب، ولكن يعقل عنه الإمام من بيت المال لأن ميراثه ينقل إلى بيت المال.
فإذا ثبت أنه لا عقل له حتى يعرف وجه النسب وكيفيته، فالكلام فيما يثبت به النسب، فمتى كان مجهول النسب فإن كان بالغا عاقلا فانتسب إلى رجل فذكر أنه ولده لم يثبت نسبه حتى يقع الاعتراف به من الطرفين، فيقول أنا ابنك فيدعيه فيقول صدقت أو يبتدئ بالدعوة فيقول أنت ابني فيقول صدقت أنا ابنك فإذا تقارا على هذا ثبت النسب.
وإن انتسب إلى ميت فقال أنا ابن فلان الميت، فإن صدقه كل الورثة ثبت نسبه بلا خلاف، وإن أقر اثنان وكانا عدلين مرضيين ثبت بشهادتهما أيضا النسب عندنا، ولا يثبت عند بعضهم إلا باعتراف الكل.
فأما إن كان صغيرا فإنه يثبت نسبه بالاعتراف به، ولا يعتبر من جهة الطفل قول لأنه لا حكم لقوله، وإذا ثبت نسبه بذلك لم يزل ولم يسقط بقول الباقين: ليس هذا مناسبا له بالشايع الذايع، خلافا لمالك فإنه يقول متى ادعى نسبا وقد شاع وذاع في الناس أنه غير مناسب له لم يثبت نسبه.
فإذا ثبت أنه لا يدفع نسبه بالشياع، فمتى ثبت نسبه فإن لم ينازع فيه أصلا فلا كلام، فإن جاء رجل فادعى أن هذا ولدي وأقام بينة بذلك حكم له بالبينة