وفيمن غلظ من لا يغلظ بالزيادة في الدية، وإنما يغلظ بأسنان الإبل، وعندنا أنها تغلظ بأن يوجب دية وثلاث، وقطع الأطراف يغلظ أيضا بالزمان والمكان و الرحم عنده، ولم يذكر أصحابنا التغليظ إلا في النفس.
إذا قتل أو قطع طرفا في الحرم استقيد منه بلا خلاف، وإن قطع في الحل أو قتل ثم لجأ إلى الحرم، فقال بعضهم: يستقاد فيه، وعندنا لا يستقاد فيه، بل يضيق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج فيستقاد منه، وبه قال قوم في النفس دون الطرف فأما إذا دخل الكعبة أو المسجد الحرام فلا خلاف أنه لا يقتل فيهما حتى يخرج.
الدية إذا كانت على العاقلة لم يخل العاقلة من أحد أمرين إما أن يكون من أهل الإبل أو من غير أهلها، فإن كان من أهل الإبل كالعرب وغيرهم ممن يقتنون الإبل ويتمولونها كلفناهم الواجب عليهم من إبلهم، ولا ننظر إلى إبل البلد، فإن كانت إبلهم عرابا كلفناهم فيها، وإن كانت إبل البلد بخاتيا، وإن كانت إبلهم بخاتيا كان لهم أن يعطوا منها وإن كانت إبل البلد عرابا، فإن كانت إبلهم أدون من إبل البلد وأعطوا من إبل البلد قبل منهم.
فإذا تقرر هذا نظرت، فإن كانت إبل العاقلة كلها نوعا واحدا كان الواجب عليهم منه، وإن اختلفت أنواعه أخذنا من كل واحد منهم من نوع إبله لأنها بمنزلة الزكاة.
فأما أن يكون العاقلة من غير أهل الإبل، لم يخل من أحد أمرين إما أن يكون بالبلد إبل أو لا يكون، فإن كان في البلد إبل كلفوا من إبل البلد، فإن لم يكن في البلد إبل كلفوا من إبل أقرب البلدان إلى هذا البلد، كما نقول في زكاة الفطرة يخرج من غالب قوت البلد، فإن لم يكن فيه غالب قوت كلف من قوت أقرب البلدان بهذا المكان.
وعندنا، إن كانت العاقلة من غير أهل البلد أخذ منهم ما هم من أهله، لأن الدية عندنا إما مائة من الإبل أخماسا أو أرباعا، وروي ذلك أجمع، أو مائتان من