قال فنزل فقتله ورمى بجيفته إلى الطريق، فبلغ ذلك عمر فقال أنشد الله عبدا عنده علم هذا القتيل إلا أخبرني، فقام الرجل فأخبره بما كان فأهدر عمر دمه، وقال أبعده الله، وأسحقه الله، قالوا إنما أهدر دمه لأنه علم صحته.
إذا أمسك رجلا فجاء آخر فقتله فعلى القاتل القود بلا خلاف، وأما الممسك فإن كان مازحا متلاعبا فلا شئ عليه، وإن كان أمسكه للقتل أو ليضربه ولم يعلم أنه يقتله فقد عصى ربه.
وروى أصحابنا أنه يحبس حتى يموت، وقال بعضهم يعزر ولا شئ عليه غيره وقال بعضهم إن كان مازحا عزر، وإن كان للقتل فعليهما القود.
وأما الرائي فلا يجب عليه القود عندنا وعند جماعة، وروى أصحابنا أنه يسمل عينه، وقال قوم يجب عليه القتل.
إذا جنى عليه جناية أتلف بها عضوا مثل إيضاح رأس أو قطع طرف، فإن كان بآلة يكون فيها تلف هذا العضو غالبا فعليه القود، وإن كان بآلة لا يقطع غالبا فهو عمد الخطأ، فلا قود، لأن الأطراف يجري مجرى النفس، بدليل أنا نقطع الجماعة بالواحد كما نقتل الجماعة بالواحد.
ثم ثبت أنه لو قتله بآلة يقصد بها القتل غالبا فعليه القود، وإن لم يكن القتل بها غالبا فلا قود فكذلك الأعضاء، وذلك مثل أن رماه بحجر صغير فأوضحه، وكان هذا مما يوضح غالبا ولا يقتل غالبا، فإن مات منه فالقصاص واجب في الموضحة، دون النفس، لأنا نعتبر كل واحد من الأمرين على طبقه.
إذا جنى على عين الرجل فإن قلع الحدقة وأبانها وجعله نحيفا فعليه القود لقوله " والعين والعين " وليس للمجني عليه أن يليه بنفسه، لأنه أعمى لا يرى كيف يصنع، فربما جنى فأخذ أكثر من حقه، لكنه يوكل فإذا وكل قال قوم له أن يقتص بأصبعه فإنه إذا لوى أصبعه ومكنها من الحدقة تناولها من محلها بسرعة، لأنه أقرب إلى المماثلة ومنهم من قال لا يقتص بالأصبع، لكن بالحديد، لأن الحديد إذا عوج رأسه كان أعجل وأوحى من الإصبع، وهو الأقوى عندي.