ثم ينظر فيه فإن جاءا معا قطعنا العليا لصاحب العليا، ثم الوسطى لصاحب الوسطى، و إن جاء صاحب العليا أولا قطعنا له العليا فإن جاء صاحب الوسطى قطعنا له الوسطى.
فأما إن جاء صاحب الوسطى أولا قلنا لا قصاص لك في الوسطى الآن، لأن عليه عليا، فلا نأخذ أعليين بواحدة وأنت بالخيار بين العفو عن الوسطى وأخذ الدية وبين أن تصبر حتى تنظر ما يكون من صاحب العليا.
ثم ينظر، فإن عفا أخذ الدية وإن صبر نظرت فإن حضر صاحب العليا فأخذ القصاص فيها، كان لصاحب الوسطى أخذ القصاص في الوسطى، فإن حضر وعفا ولم يقتص العليا قيل لصاحب الوسطى أنت بالخيار بين العفو على مال فيأخذ دية أنملة، وبين أن يصبر فلعل العليا من الجاني تذهب فيما بعد ثم تستوفي الوسطى منه، هذا قولهم.
وكذلك قالوا فيمن قطع كفا لرجل لا أصابع عليها، وكف القاطع لها أصابع قيل له ليس لك القصاص في كفه، وإن اختار أخذت الحكومة، وإلا فاصبر حتى لعل أصابع القاطع يذهب قصاصا أو لغيره، ويبقى له كف لا أصابع لها، فتأخذها قصاصا.
فإن صبر فلا كلام، فإن بادر فأخذ الوسطى والعليا معا من الجاني قبل عفو صاحب العليا، قلنا له قد أخذت زيادة أنملة لا حق لك فيها، وليس لك مثلها فعليك ديتها، وسقط قصاص العليا لفوات محلها، ووجبت له الدية على الجاني.
فالجاني له دية أنملة على صاحب الوسطى، وعليه دية أنملة لصاحب العليا، فيأخذ الجاني من صاحب الوسطى ويدفعها إلى صاحب العليا.
وقد روى أصحابنا فيمن قطع كفا لا أصابع لها أن للمقطوع قطع يد الجاني الكاملة إذا رد دية الأصابع، فعلى هذا إذا عفا صاحب العليا جاز لصاحب الوسطى أن يقتص منه ويرد دية الأنملة العليا على الذي عفي عنه.
فإن قطع العليا من سبابة رجل، والعليا والوسطى من سبابة آخر، وللقاطع