لك في الشفرين فمن المحال أن يكون لك الدية مع بقاء القصاص.
فإن قال إذا لم يكن لي دية فهل أستحق أن آخذ حكومة ما أم لا؟ قال بعضهم لا يعطى شيئا بحال لأنا نجهل حكومة ماذا تستحق لأنه إن كان ذكرا فله حكومة الشفرين، وإن كان أنثى فله حكومة الذكر والأنثيين، فإذا جهلنا الحكومة في ذلك فلا حكومة لك.
وقال آخرون وهو الأصح: إن له حكومة، لأن الجهل بعين الحكومة ليس جهلا بأن له حكومة، وأن حقه لا ينفك عن حكومة، سواء بان امرأة أو رجلا فعلى هذا يجب أن يدفع إليه حكومة.
فمن قال لا يدفع إليه فلا كلام، ومن قال له حكومة فما هي؟ قال بعضهم: له حكومة ما قطع منه آخرا لأنه يكون تقويما بعد الجناية والتقويم بعد الجناية دون التقويم قبلها، وليس بشئ والصحيح أن يعطى حكومة الشفرين، لأنه أقل ما يأخذ حكومته، فإنها دون ذكر الرجل وأنثييه.
إذا قتل عمدا محضا ما الذي يجب عليه؟ قال قوم القتل أوجب أحد شيئين: القود أو الدية، فكل واحد منهما أصل في نفسه، فإن اختار أحدهما ثبت وسقط الآخر وإن عفا عن أحدهما سقط الآخر فعلى هذا موجب القتل القود أو الدية.
وقال آخرون القتل أوجب القود فقط، والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فإن قتل فلا كلام، وإن عفا على مال سقط القود، وثبتت الدية، بدلا عن القود، فيكون الدية على هذا بدلا عن بدل وعلى المذهبين معا يثبت الدية بالعفو سواء رضي الجاني ذلك أو لم يرض، وفيه خلاف.
والذي نص أصحابنا عليه واقتضته أخبارهم أن القتل يوجب القود والولي بالخيار بين أن يقتل أو يعفو فإن قتل فلا كلام وإن عفا لم يثبت الدية إلا برضى الجاني وإن بذل القود ولم يقبل الدية لم يكن للولي عليه غيره فإن طلب الولي الدية وبذلها الجاني، كانت فيه الدية مقدرة على ما نذكره في الديات، فإن لم يرض بها الولي جاز أن يفادي نفسه بالزيادة عليها على ما يتراضيان عليه.