نفسه، فلا قود على القاطع، لأن التكافي إذا كان معدوما حال القطع موجودا حال السراية، فلا قود في القطع ولا في السراية، كالصبي إذا قطع يد بالغ ثم بلغ الصبي وسرى القطع، فلا قود على الصبي.
فإذا ثبت أنه لا قصاص ففيه دية حر مسلم، لأن الجناية إذا وقعت مضمونة كان الاعتبار بأرشها حال الاستقرار، بدليل أنه لو قطع يدي مسلم ورجليه ففيه ديتان، فإن سرى إلى نفسه ففيه دية واحدة ولو قطع إصبعا ففيه عشر الدية، فإن صارت نفسا ففيه الدية اعتبارا بحال الاستقرار.
فأما إن قطع يد مرتد ثم أسلم ثم مات أو يد حربي ثم أسلم ثم مات، فكان القطع حال كفره والسراية حال إسلامه، فلا قود لما مضى، والدية لا تجب ههنا لأن الجناية إذا لم تكن مضمونة لم يكن سرايتها مضمونة كما لو قطع الإمام سارقا فسرى إلى نفسه، أو قطع رجلا قصاصا فسرى إلى نفسه، فلا ضمان في السراية.
إذا أرسل على نصراني سهما فأسلم ثم وقع فيه السهم أو على عبد فأعتق ثم وقع فيه السهم أو على مرتد فأسلم ثم وقع فيه السهم، فقتله، فلا قود في هذه الثلاث مسائل لما مضى، لأن الاعتبار بالقصد إلى تناول نفس مكافئة حين الجناية، وحين الجناية هو الإرسال، والتكافئ غير موجود حينئذ، فلا قصاص، وفيه دية مسلم لأن الإصابة حصلت وهو محقون الدم فكان مضمونا بالدية.
فأما إذا أرسل إلى حربي سهما فأسلم ثم وقع فيه فقتله فلا قود، وقال قوم فيه الدية، وقال بعضهم لا دية فيه، لأنه أرسل السهم وكان له الإرسال، فلما أسلم لم يمكنه تداركه فهو غير مفرط في الرمي ولا في الإصابة، فلهذا لا دية فيه، ويفارق المرتد لأنه أرسل إليه السهم وهو مفرط حين الإرسال، لأن قتل المرتد إلى الإمام لا إلى آحاد الناس، وقتله بالسيف لا بالسهم، فلما كان مفرطا كان عليه الضمان.
قال وإن لحق المرتد بدار الحرب فلم يقدر عليه الإمام فلا ضمان عليه، إذا قتله، والأول أقوى عندنا، لأن الإصابة صادفت مسلما محقون الدم، فكان عليه الضمان كما لو أرسله إلى مرتد فأصابه وهو مسلم.