بل يقتل بجماعتهم، فإن قتلوه فقد استوفوا حقوقهم، وإن بادر واحد فقتله فقد استوفا حقه وسقط حق الباقين، وهكذا نقول غير أنا نقول إن لكل واحد أن ينفرد بقتله ولا يتداخل حقوقهم.
فإذا ثبت ذلك فقتل واحد جماعة لم يخل من ثلاثة أحوال إما أن يقتلهم واحدا بعد واحد، أو دفعة واحدة، أو أشكل الأمر، فإن قتلهم واحدا بعد واحد قدمنا الأول فالأول، فيقال له اختر فإن اختار القصاص استوفى حقه وسقط حق الباقين عندنا، لا إلى مال، وعند بعضهم إلى الديات، وإن اختار الدية وبذلها الجاني عندنا يقال للثاني اختر على ما قلناه للأول كذلك، حتى نأتي على آخرهم.
فإن سبق الأوسط أو الأخير فثبت القتل استحب للإمام أن يبعث إلى الأول فيعرفه ذلك، فإن لم يفعل ومكن هذا من قتله فقد أساء، وسقط حق الباقين عندنا لا إلى مال، وعندهم إلى الديات والترتيب مستحق فإن جاء رجل فثبت عنده القصاص فقضى له ثم وافى آخر فثبت القصاص لنفسه، وكان قبل الأول، قدمنا حق من قتله أولا.
وإن كان ولي أحدهم غايبا أو صغيرا وولي الآخر كبيرا لكنه قد قتل ولي الصغير أو الغائب أولا صبرنا حتى يكبر الصغير ويقدم الغائب، فإن قتله الحاضر البالغ فقد أساء وسقط حق الصغير والغايب عندنا لا إلى مال وعندهم إلى الدية.
وإن كان قد قتلهم دفعة واحدة مثل أن أمر السيف على حلوقهم أو جرحهم فماتوا في وقت واحد، أو حرقهم أو غرقهم أو هدم عليهم بيتا فليس بعضهم أولى من صاحبه فيقرع بينهم فكل من خرج اسمه كان التخيير إليه، ثم يقرع بين الباقين أبدا، وإن أشكل الأمر قلنا للقاتل من قتلته أولا؟ فإن أخبرنا عملنا على قوله، وإن لم يخبرنا أقرعنا بينهم، كما لو كان دفعة واحدة.
إذا قطع يد رجل وقتل آخر قطعناه باليد، وقتلناه بالآخر عندنا، وقال بعضهم يقتل ولا يقطع، فإن قتل أولا ثم قطع آخر قطعناه أيضا بالثاني وقتلناه بالأول، لأنه يمكن استيفاء الحقين معا.