نقول:
إن طلحة يتضايق من جهر عمر بالفرار أمام عائشة. ثم لما رأى أنه يكرر ذلك لها. يستنكر أن يكون هذا فرارا، ويعتبره فرارا إلى الله عز وجل.
ونلفت النظر هنا: إلى تجاهل جل المؤرخين لهذه الرواية، رغم أنهم يرون في الطبري المثل الاعلى لهم، وهم ينقلون عنه ويعتمدون عليه. ولعله هو بالإضافة إلى سيرة ابن هشام، يأتي على رأس القائمة في أي مراجعة للسيرة، أو تسجيل أي حدث، أو موقف منها.
كما أننا لا نستبعد: أن تكون هذه هي القضية الصحيحة، لا قضية عائشة مع أم سعد.
ثم إننا لا ننسى أن نسجل هنا تساؤلا يبقى حائرا، وهو أنه كيف سوغت عائشة لنفسها أن تخرج من الحصن الذي وضعها النبي (ص) فيه، مع خطورة الموقف وحساسيته المتناهية، ومع عدم إذن النبي (ص) لها بذلك، إذ لو كانت مأذونة منه (ص) لاحتجت به على عمر، ولم تصبر على هذا التفريع المر الذي واجهها به، حتى إنها لتود أن تنشق لها الأرض، فتدخل فيها.
ولعل مما يؤيد فرار الكثيرين يوم الخندق: ما سيأتي في حديث حذيفة حينما أرسله النبي (ص) لكشف خبر قريش، حيث ذكر أنه لم يبق مع النبي سوى اثني عشر رجلا فقط (1).