ولكن الحقيقة هي: أنه لا منافاة بين ما ذكر، فان المقصود بالفتك هو القتل غدرا لمن يكون منك في أمن من ناحيتك. والغدر أعم من الفتك.
وثمة رواية تفيد: أن الفتك لا يجوز الا بإذن الامام، وقد حكم على من فتك بشاتمي أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يذبح كبشا. ولو أنه قتلهم بإذن الامام لم يكن عليه شئ (1). وذلك لان الفتك لو شاع لا نعدم الامن، وسلبت الراحة من كل أحد.
وقد كان عبيد الله بن زياد في بيت هاني بن عروة يرى نفسه في أمن من ناحيتهم، ولم يكن ثمة اعلان حرب فيما بينه وبينهم، انما كان ثمة ارهاصات بالحرب فيما بينه وبين الحسين (عليه السلام)، ولم يكن ذلك قد اتضح بصورة تامة في ذلك الحين.
وليس الامر بالنسبة لليهود كذلك، لانهم كانوا قد عاهدوا النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): أن لا يحاربوه ولا يظاهروا عليه عدوه. وهؤلاء هم الذين آذوا المسلمين، وهجوهم، وحرضوا المشركين عليهم، وناحوا على قتلى بدر، بل ذهب ابن الأشرف إلى مكة للتحريض عليهم، وشبب بالنساء المسلمات، وحتى بنساء رسول الله (ص) إلى آخر ما تقدم.
اذن فقد صار هؤلاء من أظهر مصاديق (المحاربين)، وناقضي العهود، ولا بأس بالاحتيال على المحارب لقتله، فان (الحرب خدعة) (2).