فيه الهدف الأقصى، وهو إقامة الدين والحق.
2 - ثم اننا لنكبر هذا التعقل النادر لعمير في موقف حرج وخطير كهذا، حتى أنه ليملك في هذه اللحظات الحساسة جدا أن يتخذ القرار الحاسم والمبدأي، وكما يريده الاسلام، بعيدا عن كل اضطراب وانفعال، لا سيما وهو ضرير، كما قيل، أو ضعيف البصر. نعم، انه يتصرف بهدوء واطمئنان، ووعي، حتى في أحرج اللحظات، وأكثرها إثارة للأعصاب، وتشويشا للحواس. ومثل ذلك يقال بالنسبة لامتناعهم عن قتل المرأة التي كادت تفضحهم بصياحها في قضية أبي رافع، حين تذكروا نهي النبي (ص) عن قتل النساء والصبيان.
وهذه هي الشخصية الاسلامية التي يريدها الاسلام، واستطاع أن يصدر للعالم الكثير من النماذج الحية لها، من أمثال سلمان، وعمار، وأبي ذر، والمقداد، والأشتر، وفوق هؤلاء جميعا سيدهم، وامامهم، وأميرهم، أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، والأئمة من ولده صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
ويكفي أن نذكر مثالا وقدوة لكل الأحرار، والذين يعيشون المبدأ بكل وجودهم: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) حينما أراد أن يقتل عمرو بن عبد ود، فشتمه عمرو، وتفل في وجهه، قام عنه، حتى ذهب عنه غضبه، ثم عاد إليه فقتله، فعل ذلك ليكون قتله له خالصا لله، لا يتدخل فيه عنصر حب الانتقام لنفسه، وغضبه لها، ولو بشكل لا شعوري.
هذه من علاه إحدى المعالي وعلى هذه فقس ما سواها 3 - ثم هناك رواية شواهد النبوة، التي تضيف: أن بعض الصحابة قد نفس على عمير هذا الوسام النبوي الذي ناله عن جدارة واستحقاق، ولم يستطع أن يخفي ذلك في نفسه، بل ظهر في فلتات لسانه بتعبير فيه شئ من الجفاء الجارح، دعا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)