فسار إلى مكة، وحرض على رسول الله (ص)، ولم يخرج من مكة حتى أجمع أمرهم على حرب رسول الله.
وسأله أبو سفيان: أديننا أحب إلى الله أم دين محمد وأصحابه؟، وأينا أهدى في رأيك، وأقرب إلى الحق: انا لنطعم الجزور الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونطعم ما هبت الشمال.
فقال له: أنتم أهدى منهم سبيلا (1).
فلما عاد إلى المدينة، قال رسول الله (ص): من لي بابن الأشرف؟
فانتدب له محمد بن مسلمة، وقال: يا رسول الله، لابد لنا أن نقول. قال:
قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك.
فذهب إليه هو وأبو نائلة، أخو كعب من الرضاعة، وآخرون.
فاجتمع به أبو نائلة، وأظهر له تبرمه من الوضع المعيشي الذي نجم عن قدوم النبي (ص) إليهم، وطلب منه: أن يبيعه طعاما في مقابل رهن، فطلب ابن الأشرف أن يرهنوه نساءهم، فرفض أبو نائلة، ثم طلب أبناءهم، فرفض أيضا، وعرض عليه رهن السلاح، حتى لا ينكر كعب السلاح إذا جاء مع أصحابه، فقبل كعب.
ورجع المفاوض إلى جماعته، فجاء بهم، ومعهم السلاح، وشيعهم (ص) إلى بقيع الغرقد، ودعا لهم، فلما انتهوا إلى الحصن صاحوا به، فقالت له زوجته - وكان حديث عهد بعرس - أسمع صوتا يقطر منه الدم.
فقال لها كعب: ان أبا نائلة لو رآه نائما ما أيقظه. ونزل إليهم، فأخذ أبو نائلة رأسه فشمه، وتعجب من طيبه، وكرر ذلك حتى اطمأن كعب. ثم أخذ بفوديه، وقال: اضربوا عدو الله، فخبطوه بأسيافهم، وقتلوه، وجرح