آثرت قريش الفرار من وجه سبعين من الجرحى. وهي التي ينبغي أن تكون أشد طغيانا وتجبرا، وأكثر اقداما على المسلمين من ذي قبل. وكان ينبغي - لو كان يمكنها - أن تغتنمها فرصة للقضاء على هذه القلة القليلة، المنهكة، والمثخنة بالجراح. وتقتل مصدر متاعبها وآلامها، وأعني به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما دام أنه في جماعة لا تستطيع أن تدفع عنه، ولا عن نفسها شيئا.
ففي حمراء الأسد هزيمة نفسية، واعلامية لقريش، كما أن في ذلك اعطاء الفرصة لسائر القبائل لتقييم معركة أحد تقييما صحيحا وسليما، بعيدا عن الغرور والتضليل.
وهي أيضا ابطال لكيد المنافقين واليهود، وتأييد لسلطان المسلمين في المدينة، وربط على قلوبهم، ورفع لمعنوياتهم.
وهذا معنى قوله (ص): (فإنها انكاء للعدو، وأبعد للسمع).
ويلاحظ أخيرا: أن معبد الخزاعي قد ذكر لقريش: أن عليا قد يدركهم قبل أن يرتحلوا، فدعاهم ذلك إلى التعجيل بالرحيل، قبل أن يدركهم أسد الله الغالب الإمام علي بن أبي طالب. وهذا يؤكد على دوره الفريد والمتميز في الحاق الهزيمة النكراء بجيش المشركين في أحد، حتى صار يطلبه المشركون بثارات أحدية (1) أضيفت إلى ثاراتهم البدرية، كما ورد التصريح به في أكثر من مورد في تأريخ الصدام فيما بين الحق والباطل بعد ذلك.
قتل الأسيرين، وقصد قتل الأسيرين، وملاحظة موقفه (صلى الله عليه وآله وسلم)