أما أبو عزة فقد كان أسر في بدر، ثم من عليه (ص) لبناته الخمس، وأخذ عليه العهد أن لا يعود إلى حرب المسلمين، وأن لا يظاهر عليه أحدا. فنقض العهد، وألب القبائل، وشارك في معركة أحد.
فلما عادت قريش، ونزلت في حمراء الأسد، ساروا وتركوه نائما، فأدركه المسلمون هناك، وأخذوه إلى النبي (ص)، فطلب الإقالة، فرفض (ص) ذلك حتى لا يمسح عارضيه بمكة، ويقول: سخرت من محمد مرتين. ثم أمر (ص) عليا - وقيل غيره - أن يضرب عنقه، ففعل.
ولكن ابن جعدبة قال: ما أسر يوم أحد هو ولا غيره. ولقد كان المسلمون في شغل من الأسر. ولم ينكر قتله.
وقال ابن سلام: (قد قيل: أن النبي لم يقتل أحدا صبرا الا عقبة بن أبي معيط يوم بدر) (1).
ولكن المشهور هو خلاف ذلك، فهو المعتمد حتى يثبت خلافه.
أما ما ذكره بعضهم من: أن أبا عزة قد أسر يوم أحد.
فالظاهر أن مقصوده منه ما ذكرناه، لان حمراء الأسد من تتمة معركة أحد. فلا مجال لاشكال المعتزلي بأن حال المسلمين في أحد لم يكن يساعد على أسر أحد (2).
وأما معاوية بن المغيرة بن أبي العاص، فإنه انهزم في أحد، ودخل المدينة، فأتى منزل عثمان بن عفان، ابن عمه. فقال عثمان له: أهلكتني وأهلكت نفسك. ثم خبأه في بيته، وذهب إلى النبي (ص) ليأخذ له أمانا.
وكان (ص) قد علم به من طريق الوحي، فأرسل عليا (ع) ليأتي به من دار عثمان، فأشارت أم كلثوم زوجة عثمان إلى الموضع الذي صيره