فلو أخل بأحد هذه لا يكون إحياء، بل تحجيرا، وإنما جمع بين قطع الماء وسوقه إليها لجواز أن يكون الماء الذي يحتاج إلى قطعه غير مناسب للسقي بأن يكون وصوله على وجه الرشح المضر بالأرض من غير أن ينفع بالسقي ونحو ذلك، وإلا فلو كان كثيرا يمكن السقي به كفى قطع القدر المضر منه وإبقاء الباقي للسقي، وحينئذ فيشكل بما ذكرناه.
ولو جعل الواو في هذه الأشياء بمعنى " أو " كان كل واحد منها كافيا في تحقق الاحياء، فهو أشد إشكالا، لعدم صحته في بعضها.
وفي الدروس اقتصر على حصوله للزرع بعضد الأشجار والتهيئة للانتفاع وسوق الماء أو اعتياد الغيث والسيح، قال: " ويحصل الاحياء أيضا بقطع المياه الغالبة ".
وظاهره الاكتفاء به عن الباقي أجمع كما في الروضة، ويمكن أن يريد أن ذلك مع فرض عدم احتياجها إلى غيره. نعم يرد عليه بعض ما ذكرناه.
وفي الروضة أيضا " عبارات الأصحاب مختلفة في ذلك كثيرا، والأقوى الاكتفاء بكل واحد من الأمور الثلاثة السابقة مع سوق الماء حيث يفتقر إليه، وإلا اكتفى بأحدها خاصة، هذا إذا لم يكن المانعان الأولان أو أحدهما موجودا وإلا لم يكتف بالباقي، فلو كان الشجر مستوليا عليها والماء كذلك لم يكف الحائط وكذا أحدهما، وكذا لو كان الشجر لم يكف دفع الماء وبالعكس، لدلالة العرف على ذلك كله، أما الحرث والزرع فغير شرط فيه قطعا، لأنه انتفاع بالمحيا كالسكنى لمحيي الدار، نعم لو كانت الأرض مهيأة للزراعة والغرس لا تتوقف إلا على الماء كفى سوق الماء إليها مع غرسها أو زرعها، لأن ذلك يكون بمنزلة تمييزها بالمرز ".