وفي التذكرة إشارة إلى ما ذكرنا، قال: " لو قصد نوعا وفعل إحياء يملك به نوعا آخر - كما إذا حوط بقعة بقصد السكنى، وهذا الاحياء إنما يتحقق في ملك حظيرة الغنم وشبهها هل يفيد الملك؟ الوجه عندي ذلك، فإنه مما يملك به الحظيرة لو قصدها، وهو أحد وجهي الشافعية، والثاني أنه لا يملك به وإلا لزم الاكتفاء بأدنى العمارات أبدا، واستحالة التالي ممنوعة " بناء على أن المراد ملكه حظيرة بالقصد ولو أخيرا.
نعم قد يقال فيمن قصد أصل الاحياء من دون أمر مخصوص بكفاية إخراج الأرض عن التعطيل إلى الانتفاع، فتأمل.
وعلى كل حال فمما ذكرنا يظهر لك ما في محكي السرائر، فإنه بعد أن ذكر أن الرجوع في الاحياء إلى العرف هو الحق اليقين الذي يقتضيه أصل المذهب قال: " ولا يلتفت إلى قول المخالفين، فإن لهم تعريفات وتقسيمات، فلا يظن ظان إذا وقف عليها أن يعتقدها قول أصحابنا وأنها مما ورد بها خبر وقال به مصنف من أصحابنا، وإنما أورد شيخنا أبو جعفر ذلك بعد أن حقق ما يقتضيه مذهبنا، وجملة ما عند المخالف في ذلك أن الأرض تحيى للدار والحظيرة والزراعة، فاحياؤها للدار عندهم بأن يحوط عليها بحائط ويسقف عليها، وأما عندنا فلو خص عليها خصا أو حجرها أو حوطها بغير الطين والآجر والجص ملك ".
ثم ذكر تعريفهم لاحياء الحظيرة بما ذكره المصنف وفاقا لما عن المبسوط وغيره كما ستسمع، ثم قال: " ولا يتوهم من يقف عليها في المبسوط أنها مقالة أصحابنا، فإن هذا الكتاب أعني المبسوط قد ذكر فيه مذهبنا ومذهب المخالفين، ولم يميز أحد المذهبين تمييزا جليا، وإنما يحققه ويعرفه من اطلع على المذهبين وسبر قول أصحابنا وحصل خلافهم وإلا فالقارئ فيه يخبط خبط عشواء ".