كسبيل مالك، وإن جاء طالب أعطيته ".
بل الأمر بالجعل في الصحيح الأول أقل مراتبه الإباحة، وذلك يستدعي أن يكون المأمور به مقدورا، وهو لا يجتمع مع الملك قهرا.
وفي الرياض - من أنه إنما يتم لو كان المأمور به جعلها مالا وليس، فإن جعله في عرض المال غيره، كما صرح به في المختلف - لا حاصل له على وجه يبطل به الاستدلال على المطلوب، ضرورة تماميته على تقدير الكناية بذلك عن جعلها أمانة بقرينة ما بعده أو التملك الاختياري.
اللهم إلا أن يراد من جعلها في عرض المال الكناية عن صيرورتها من أموالك، فلا يكون الأمر مرادا به شيئا من معانيه، وهو كما ترى.
وأوضح من ذلك قوله (عليه السلام) في الصحيح (1) الذي قدمناه سابقا في مسألة التخيير: " يعرفها سنة، فإن لم يعرف حفظها في عرض ماله حتى يجئ صاحبها فيعطيها إياه، وإن مات أوصى بها، وهو ضامن " ضرورة منافاة الأمر بحفظها للملك القهري.
ومن الغريب ما في الرياض من رده بقوة احتمال أن يكون قوله (عليه السلام): " فإن لم يعرف " بالتشديد، ولا كلام فيه، لا بالتخفيف المبتني عليه الاستدلال، فإنه يمكن الجزم بعدمه بملاحظة سياق غيره من النصوص، وإن كان قد ذكره بعض المحشين على التهذيب معترفا بكونه منافيا للظاهر، موجها به ما اشتمل عليه من الضمان لها، زاعما أن ترك التعريف يوجبه.
وهو كما ترى ليس بأولى من إبقائه على سياق غيره من النصوص مع حمل الضمان على إرادة تأدية العين أو إذا لم يوص بها أو غير ذلك مما لا ينافي الأول.