وفي الدروس " ولو وجد عوض ثيابه أو مداسه فليس له أخذه إلا مع القرينة الدالة على أن صاحبه هو آخذ ثيابه بكونها أدون وانحصار المشتبهين، ومع عدم القرينة فهي لقطة ".
والأصل في ذلك كله ما في التذكرة " لو أخذت ثيابه في الحمام ووجد بدلها أو أخذ مداسه وترك بدله لم يملكه بذلك، ولا بأس باستعماله إن علم أن صاحبه تركه عوضا، ويعرفه سنة، أي إذا لم يعلم أن صاحبه تركه عوضا - إلى أن قال -: إلا أن يعلم أن السارق قصد المعاوضة بأن يكون الذي تركه أردأ من الذي سرقه، وكان لا يشتبه على الآخذ بالذي له، فلا يحتاج إلى التعريف، لأن مالكها تركها قصدا والتعريف إنما جعل للضائع عن صاحبه ليعلم به ويأخذه، وتارك هذا عالم به وراض ببدله عوضا عما أخذه، فصار كالمبيح له أخذه بلسانه، وهو أحد وجهي الحنابلة، ولهم آخران: أحدهما الصدقة، والثاني الدفع إلى الحاكم ليبيعها ويدفع ثمنها إليه عوضها من ماله، وما قلنا أولى، لأنه أوفق بالناس، لأن فيه نفعا لمن سرقت ثيابه، لحصول عوضها له، وللسارق بالتخفيف عنه من الإثم وحفظ هذه الثياب المتروكة من الضياع، وقد أبيح لمن له على انسان حق من دين أو غصب أو غير ذلك أن يأخذ من مال من عليه الحق بقدر ما عليه إذا عجز عن استيفائه بغير ذلك ".
بل في جامع المقاصد القطع بذلك، قال في شرح المستثنى منه من عبارة القواعد: " لو كان في الحمام أو المسجد أو نحوهما فلم يجد ثيابه أو مداسه أو فراشه ولكن وجد مثل المفقود لم يكن له تملكه عوضا عما؟
ذهب له، لأنه مال الغير، فلا يحل من دون طيب نفسه، وقول المصنف (رحمه الله): ولو وجده عوض ثيابه إلى آخره لا يريد به على قصد العوض، أما أخذه لقطة فجائز قطعا، فإن أخذه لم يكن إلا لقطة