واضح، بل في المسالك نفي الخلاف فيه.
وكذا الكلام فيما ذكره من الاشكال وإن قيل: إنه نشأ من أنه حر في الشارع، وقد حكمنا بسقوط القود للشبهة، فيجب الانتقال إلى الدية، ومن الشك في الحرية والرقية فيجب أقل الأمرين، لأنه المتيقن والزائد مشكوك فيه، للشك في سببه.
لكنه كما ترى، ضرورة عدم أثر للشك بعد الحكم شرعا بحريته وإن منع من القصاص مانع، وهو الشبهة المفروض كونها في مثله أو الدية، فلا مانع منها، فهو حينئذ كحر تعذر استيفاء القصاص منه في الانتقال إلى الدية، إذ لو كان الاحتمال ساريا إليها لاحتمل أيضا دية ذمي، إذ الاسلام كالحرية أيضا، بل هي أقوى دليلا منه، كما عرفته.
بل ربما نوقش أيضا بأنه لقائل أن يقول: إن الواقع لا يخلو من رقية أو حرية، فلا بد من إحداهما، وعلى أي تقدير كان فلا يكون الواجب أحد الأمرين، لأنه إن كان حرا فالواجب القصاص لا الدية، والاحتياط المذكور معارض باحتياط مثله، فإن الجاني ربما رضي بالقصاص، فقهره على الدية إلزام له بما لم يثبت عليه، فيكون باطلا، وإن كان رقا فالواجب هو القيمة لا الدية، فيبطل احتمال كون الواجب هو الدية على كل من التقديرين اللذين انحصر الواقع فيهما.
وكذا يمتنع أن يكون الواجب هو أقل الأمرين مطلقا على كل من تقديري الحرية والرقية، على أنه يؤدي إلى إسقاط حق معلوم الثبوت قطعا، وذلك إذا قطع منه طرفان: أحدهما أكثر قيمة والآخر أكثر دية، وحيث بطلت اللوازم كلها تعين الحكم بالقصاص وإن كان في بعضه ما فيه، والله العالم.