وإليه أشار في النهاية " إذا كان الانسان في يده دار أو أرض ورثها عن أبيه عن جده غير أنه يعلم أنها لم تكن ملكا وإنما كانت للغير ولم يعرف المالك لم يجز له بيعها، بل ينبغي له أن يتركها بحالها، وإن أراد بيعها فليبع تصرفه فيها، ولا يبيع أصلها على حال ".
وقال ابن إدريس " يمكن أن يقال: إنما كان الأمر على ما ذكر في هذا الحديث، والوجه في ذلك، وكيف يجوز له تركها في يده وبيع ما جاز له بيعه وهو يعلم أنه لم يكن لمورثه؟! ومن كان بيده شئ ولم يعلم لمن هو فسبيله سبيل اللقطة، فبعد التعريف المشروع يملك المتصرف، فجاز أن يبيع ما له فيها، وهو التصرف الذي ذكر في الخبر دون رقبة الأرض إذا كانت في الأرض المفتوحة عنوة، فهذا وجه تأويل في الخبر، وبعد هذا كله فهذه أخبار آحاد أوردها شيخنا في نهايته لئلا يشذ من الأخبار شئ ".
وفيه أولا منع كونها من اللقطة، ضرورة تعاقب الأيدي فيها على التصرف المحمول على الوجه الصحيح شرعا، وكونها لغيرهم أعم من كونها غصبا أو نحوه.
ولذا قال الفاضل بعد أن حكى ذلك عنه: " أقول: ليس بعيدا من الصواب أن يكون المراد بقوله: " فليبع تصرفه فيها " أي الآثار الموجودة من الأبنية والسقوف، ولا يلزم من كون الدار ليست له كونها غضبا، بل جاز أن تكون عارية، وهو الظاهر، إذ تصرف المسلم إنما يبنى في الظاهر على المشروع " وإن كان هو غير نقي أيضا.
وفي النافع أنه يمكن تنزيله على أرض عاطلة مملوكة أحياها غير المالك بإذنه، إلا أنه مع ذلك كله لا بد من تنزيل البيع فيه على بيع الآثار، أو إرادة الصلح الذي يقع مثله على حق السكنى الذي يقضي به تعاقب