فإن تشاحا في التقديم أقرع، ولو أن أحدهما قهر الآخر وأخذ مطلوبه أثم قطعا، ثم إن كان المعدن واسعا ملك ما أخذه، لأنه لم يأخذ ما استحقه الآخر وإلا لم يملك إلا ما تقضي القسمة استحقاقه إياه، ومثله ما لو ازدحم اثنان على الفرات مثلا فقهر أحدهما صاحبه وحاز ماء، فإن الظاهر أنه يملكه، بخلاف ما لو ازدحما على ماء غدير ونحوه مما لا يقطع بكونه وافيا بغرضهما، فإن الأولوية لهما، فلا يملك القاهر ما أخذه إلا بعد القسمة ".
وتبعه على ذلك في الروضة بل والمسالك، ولكن زاد عليه العمل بالقرعة مع عدم إمكان القسمة لقلة المطلوب أو لعدم قبوله لها.
ولكن لا يخفى عليك عدم جريان ذلك على ما قلناه من أن الأحق في هذه المقامات لا يزيد على ما يقتضيه الظلم، ضرورة عدم حصول الملك إلا بالحيازة التي هي النيل، وإنما السبق في الفرض قد أفاد عدم جواز مزاحمة الغير لهما من حيث إنه ظلم، وحيث أشكل الحال في استحقاق كل منهما إيجاد السبب الذي يحصل به الملك فلا طريق لترجيح أحدهما على الآخر إلا القرعة، لا قسمة الباقي على الإباحة ولم يتعلق لأحدهما في عينه حق، وكونهما سابقين مشمولين لعموم " من سبق " (1) لا يقتضي إلا ما ذكرناه، لا أزيد منه من تعلق حق بالعين نفسها فضلا عن الملك.
ولا فرق في ذلك بين الواسع والضيق.
ومن الغريب دعوى القرعة بينهما في التقديم للنيل مع ضيق المكان وعدم الزيادة على الحاجة، ثم إن من خرجت القرعة له يأخذ حقه من المقسوم.
وأغرب منه دعوى عدم ملك الظالم في غير الواسع ما زاد على القسمة