والإشارة أنه الكذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة (عليهم السلام) بل في الأول منها أنه عندنا كذلك، وهو مع كونه منافيا لما سمعته من النصوص لم نعثر لهم على دليل سوى إشعار الاجماع المزبور المتحقق خلافه، وكونه المبطل للصوم لا يقتضي كونه المراد من الفسوق، وكذا ما عن التبيان من أن الأولى حمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها، وعن الراوندي في فقه القرآن متابعته، إذ هو كالاجتهاد في مقابلة النصوص المعتبرة والفتاوى، بل عن الشيخ أنه غلط من خصه بما يحرم على المحرم لاحرامه ويحل له لو لم يكن محرما بأنه تخصيص بلا دليل، وما أدري ما السبب الداعي إلى الاعراض عن النصوص التي يمكن الجمع بينها بأنه عبارة عن جميع ما ذكر فيها من الكذب والسباب والمفاخرة على الوجه المحرم، بناء على أنها غير السباب الذي هو وإن جعل في رواية الصافي (1) من الجدال، إلا أنه يمكن وقوعه على وجوه، منها أن يجتمع فيه الجدالية، فلا مانع من أن يكون فسقا وجدالا بل وكذا المفاخرة التي جعلت من التفث في صحيح معاوية المفسر فيه الفسوق بالكذب والسباب، فإنه بعد ذلك بفاصلة قال: واتق المفاخرة إلى آخر ما تسمعه إن شاء الله، إذ هي أيضا تارة تكون فسوقا إذا كانت علي وجه السب، وأخرى لا تكون كذلك، واحتمال تفسير الفسوق بها خاصة - مع أنه لا قائل به وإن قيل: إنه حكاه الشهيد في بعض حواشيه - لا شاهد له، فإن الصحيح المزبور لم يشتمل على تفسير الفسوق بها.
ومن الغريب ما في المدارك من أن الجمع بين الصحيحتين يقتضي المصير إلى أن الفسوق هو الكذب خاصة، لاقتضاء الأولى نفي المفاخرة، والثانية نفي السباب