لأبي عبد الله (عليه السلام): إني أدخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فأشتري منهم الفراء للتجارة، فأقول لصاحبها: هي ذكية فيقول: بلى، فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها ذكية؟ فقال: لا، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول: قد شرط الذي اشتريتها منه أنها ذكية، قلت: وما أفسد ذلك؟ قال: استحلال أهل العراق الميتة، وزعموا أن دباغ الجلد ذكاته، ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) " وفيه دلالة على أنه لو أخبر المستحل بالذكاة لا يقبل منه، لأن المسؤول في الخبر إن كان مستحلا فذاك، وإلا فبطريق الأولى.
وهو كما ترى لا ظهور فيه في التفصيل، بل قد اعترف بعد ذلك عند روايته خبر علي بن أبي حمزة (1) المتقدم سابقا بأن فيه دلالة على تغليب الذكاة عند الشك، وهو يشمل المستحل وغيره، وعند روايته خبر البزنطي (2) المتقدم أيضا بأن يدل على الأخذ بظاهر الحال على الاطلاق، وهو شامل للأخذ من المستحل وغيره، بل قال:
ويؤيده أن أكثر العامة لا يراعي في الذبيحة الشروط التي اعتبرناها مع الحكم بحل ما يذكونه بناء على الغالب من القيام بتلك، وأيضا فهم مجمعون على استحلال ذبائح أهل الكتاب واستعمال جلودها، ولم يعتبر الأصحاب ذلك أخذا بالأغلب في بلاد الاسلام من استعمال ما ذكاه المسلمون، وظاهره الميل إلى ما ذكرناه من الاطلاق.
وإن كان بعض كلامه لا يخلو من مناقشة، كدعواه دلالة خبر ابن الحجاج على ما ذكرناه، إذ من المحتمل إرادة عدم صلاح بيعها كذلك لظهور الاخبار به في العلم به، ولأن قول المخبر: هو ذكي يحتمل لإرادة الذكاة ولو بالدبغ، لأن من ذكاة الجلد عندهم دباغه، بل لعل تعليل الإمام (عليه السلام) بما سمعت يومي إلى ذلك، وهذا غير الاخبار بالتذكية بمعنى الذبح، فلا يكون في الخبر دلالة على عدم قبوله منه لو وقع،