وعلى كل حال فحيث يحكم بالتذكية لحصول إمارتها الشرعية بعد الحكم بالميتية للأصل أو لليد أو بالعكس فهل هو على الكشف بمعنى جريان حكم المذكى عليه مثلا فيما مضى من الأفعال والمباشرة لو كانت أولا بل من حين تحقق الأمارة؟ وجهان، أوفقهما بالأصل والاحتياط الثاني، ولا ينافيه عدم تصور التذكية له الآن، ضرورة كون المراد جريان الأحكام لا التذكية حقيقة، وربما يؤيده في الجملة ما قيل من وجوب الوضوء للعصر مثلا على من شك فيه بعد الفراغ من الظهر، وإن حكم بصحة الظهر بناء على أن الدليل فيها صحة فعل المسلم، فهي حينئذ وإن ثبتت في الظهر لكن لا يثبت بها كونه متوضئ حقيقة، فتأمل جيدا.
والمراد باليد للمسلم فيه على الوجه الممنوع في الميتة، أو اتخاذه لذلك، وهل يكفي في الثاني مجرد كونه في يده وإن احتمل فيه لإرادة الالقاء مثلا؟ إشكال، أقواه العدم، لأصالة عدم التذكية، والشك في انقطاعها بذلك، إذ ليس ما نحن فيه بعد التأمل في النصوص والفتاوى إلا من جزئيات أصالة صحة فعل المسلم، ولا ينافيه الحكم سابقا بتذكية مجهول الاسلام إذا كان في بلاد المسلمين، لأنه محكوم عليه شرعا بأنه منهم، ولذا يجب تغسيله ودفنه وغيرهما من أحكام المسلمين، ومنها صحة فعله الذي نحن فيه، كما أنه لا ينافيه الحكم بتذكية ما عليه أثر الاستعمال في أرضهم وسوقهم (1) إذ هو لظهور كون يدهم عليه، فإن أرضهم بالنسبة إليهم جميعا كدار كل واحد بالنسبة إليه، وعليه جرى حكم اللقطات وغيرها، فالجميع حينئذ راجع إلى أصالة صحة فعل المسلم،