إذ المعهود من اصطلاحهم أن دلالة الفحوى هي مفهوم الموافقة، وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى: أي كون الحكم في غير المذكور أولى منه في المذكور باعتبار المعنى المناسب المقصود من الحكم، كالاكرام في منع التأنيف، وقد مثل له هنا بادخال الضيف في المنزل للضيافة، وهو إنما يتم مع ظهور المعنى المناسب المقصود من الادخال، وكونه في غير المذكور وهو الصلاة مثلا أتم منه في المذكور، ومرجعها إلى مناقشة لفظية اصطلاحية لا تحسن من مثله بعد وضوح المراد، وإلا فالفحوى عند متشرعة العصر ليست إلا حصول القطع بالرضا بسبب صدور فعل من المالك أو قول لم يكن المقصود منه بيان الرضا في المراد، أو غيرهما بلا مراعاة أولوية ومساواة ونحوهما من أسباب القطع، ولعل المصنف يريد الكون الذي ليس بصلاتي المستفاد منه الكون الصلاتي بالفحوى لا مطلق الكون الذي أحد أفراده الكون الصلاتي، فيكون من مدلول عبارة الإذن لا مستفادا من الفحوى، وأما دليل جواز غير الناقل من التصرف بالقطع المزبور فالسيرة القطعية، بل يمكن دعوى الضرورة من المذهب بل الدين، سواء كان الرضا المقطوع به فعليا أو تقديريا، بمعنى أنه لو علم به رضي به، وربما كان في خبر سعيد بن الحسن (1) إيماء إليه، قال: " قال أبو جعفر (عليه السلام): أيجئ أحدكم إلى أخيه فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه؟ قلت: ما أعرف ذلك فينا، فقال أبو جعفر (عليه السلام): فلا شئ إذا، قلت: فالهلاك إذا، فقال: إن القوم لم يعطوا أحلامهم " كالمروي عن كتاب الاختصاص المفيد عن أبان بن تغلب عن ربعي عن يزيد العجلي (2)
(٢٨٠)