عدل عن تعريفه إلى أنه الفراغ الذي يشغله بدن المصلي أو يستقر عليه ولو بوسائط، وبطلان الصلاة تحت الخيمة والسقف المغصوبين لو قلنا به ليس من حيث كونه مكانا للمصلي، بل من حيث صدق التصرف والانتفاع، إذ هما بالنسبة إلى كل شئ بحسبه، قلت: ستعرف تحقيقه بالمعنى الثاني بما لا مزيد عليه عند البحث في اعتبار الطهارة فيه، بل ستعرف المراد بالأول الذي متى تحقق وصف الغصب عليه كانت الصلاة باطلة، لعدم اجتماع الأمر والنهي، وأن المدار فيه على صدق كون الواجب من أفعال الصلاة تصرفا فيه من حيث كونه محلا ضروريا للجسم فراغا أو مستقرا وإن اختلف ذلك باعتبار القيام والركوع والسجود وغيرها من الأجزاء، أما المندوبة كجلسة الاستراحة ونحوها فالبطلان مع غصب المكان فيها من حيث التشريع، وإلا فلو فرض غصب الفضاء مثلا فيها فليس يقتضي إلا بطلانها لا بطلان الصلاة، لعدم الملازمة بينهما، بل بطلان بعض الأجزاء الواجبة إنما هو من ذلك، وإلا فلو أراد تداركها بالانتقال إلى الفضاء المباح مثلا صحت الصلاة، بناء على عدم قدح مثل التشريع المزبور فيها، وأنه إنما يقتضي فساد ذلك الجزء خاصة، فمع الاقتصار عليه تبطل الصلاة لفقد الجزء، وأما مع التدارك فالصلاة صحيحة، وتسمع تحقيق ذلك إن شاء الله في القراءة ونحوها من أفعال الصلاة.
وعلى كل حال فمدار البطلان في الغصب على ما عرفت، وإلا فلو فرض كون يده في حال القيام مثلا أو في حال الركوع أو غيرهما مما لا مدخلية لمكان وضعها في الصلاة في مكان مغصوب لم تبطل الصلاة من حيث غصب بعض المكان، بل لو فرض كون مكان بعض ثيابه المتصلة به مغصوبا فكذلك، ضرورة عدم تصور اتحاد الأمرين فيه: أي الكون الصلاتي والكون الغصبي، كما هو واضح، ومن التأمل في ذلك فضلا عما تسمعه إن شاء الله فيما يأتي تعرف المراد من المكان الذي تشترط إباحته في