هو من باب العدو، كما هو مقتضى قوله سبحانه: (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) (1) بناء على كون الخطاب لآدم وحواء خطابا لذريتهما.
وكيف يسوغ توقع الحب منه! وقد قال الله سبحانه: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) (2) بناء على كون " من " زائدة، ولعله الأظهر، لا للتبعيض، وليس المقصود هو الممانعة عن العبادة ونيل الأجور الأخروية قضية قوله سبحانه: (وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم) (3) وقضية التعرض للممانعة المشار إليها بعد تلك الآية في قوله سبحانه: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) (4).
وكيف يسوغ توقع الحب منه وهو عدو لنفسه قضية ما فيه من الأهواء المهلكة الموجبة لرادئة حاله في الدنيا والآخرة، كما هو مقتضى بعض الأخبار، بل مضرة عداوته أزيد من سفرة أعدائه بمراتب كثيرة؛ حيث إن ما يتأتى من مقدار تضييعه بفعله لا يتمكن منه أعداؤه إلا بمقدمات كثيرة، بل ربما لا يتمكن من ذلك المقدار رأسا.
وأما عقله فغالب أفراده صرف الجنون، وفي بعض الكلمات " أن عقل أربعين رجلا يوازن عقل شاة " تعليلا بأن الشاة ترتدع بردع الراوي، والإنسان لا يرتدع بروادع الله سبحانه والأنبياء والأوصياء (عليهم السلام)، ولعمري أن هذا الكلام بلغ سماء الكلام.
وبالجملة، من كان حاله في الطغيان على ما سمعت، فكيف يليق بوصول الفيض من جانب الله سبحانه إليه، وما أبعد طول مسافة المجاهدة التي تحتاج إليها في القابلية للإفاضة؛ فبالغ في المجاهدة وتهذيب الأخلاق، وطهر بيتك للطائفين