منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٦٣
الموجودة في المجمع، وعدم ارتفاعها بالمفسدة، وانما لا يصح في صورة العلم بالنهي، أو الجهل التقصيري به مع وجود هذه المصلحة فيه، لان الفعل مع العلم بالنهي أو الجهل به تقصيرا يقع مبعدا و مبغوضا ومستحقا عليه العقاب، لتنجز النهي، والمبغوض يمتنع أن يكون محبوبا ومقربا.
فالنتيجة: أن الملاك مع الحسن الفاعلي الثابت حين الجهل القصوري بالموضوع أو الحكم كاف في تمشي قصد القربة ومقربية الفعل، و قد أشار إلى هذا الوجه بقوله: (فالامر يسقط، لقصد التقرب بما يصلح)، وبعد إثبات وجود الملاك، وصحة التقرب به تعرض لوجه سقوط الامر بقوله: (بناء على تبعية الاحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح) الذي بيناه في التوضيح.
وليس هذا وجها آخر لتصحيح المجمع العبادي كما في بعض الحواشي، بل هو متمم له، إذ غرضه تتميم صحة التعبد بالمأتي به بأن يكون صالحا للمقربية، فلو كان مبغوضا لا يصلح لها، ومبغوضيته منوطة بكونه منهيا عنه فعلا، ولا يكون كذلك الا إذا كان الملاك بوجوده الواقعي مؤثرا في تشريع الاحكام، إذ حينئذ يكون المجمع منهيا عنه، لغلبة مفسدة النهي على مصلحة الامر، فلا أمر حينئذ، بل ليس في البين الا ملاكه، فلا يصدق الامتثال وان سقط الامر بسقوط الغرض، بل التعبير بسقوط الامر مبني على المسامحة، إذ المفروض وجود الملاك فقط، فمنشؤه يسقط، ولا بأس بالتعبير عن سقوط الغرض بسقوط الامر، لعلاقة السببية والمسببية.
والحاصل: أنه بناء على تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد الواقعية يكون النهي فعليا، لعدم دخل العلم بالمفسدة في تشريعه، لكنه لعدم تنجزه لا يؤثر