منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٦٧٠
لها، فكذلك صفحة الأعيان بالنسبة إليه سبحانه وتعالى، لكونها مخلوقة له عز وجل.
فالبداء بالمعنى اللائق بالمقام الربوبي هو إظهار ما أخفاه أولا على العباد من استمرار، أو مخصص، أو مقيد، أو شرط، كما إذا أمر النبي أو الولي بحكم عام أو مطلق، وبعد مضي زمان يبين مخصصه أو مقيدة، أو أمرهما بالاخبار بوقوع شئ كعذاب أمة مع عدم بيان أن وقوعه منوط بعدم تحقق أمر كالتوبة أو الصدقة أو غيرهما، فالبداء من الله تعالى بمعنى الاظهار للعباد، لا بمعنى الظهور له تعالى، لما عرفت من أنه مستلزم للجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فاللام في قولنا: (بدا لله كذا) بمعنى (من) يعني ظهر منه تعالى لعباده كذا.
والبداء بهذا المعنى لا يرد عليه شئ من الاشكالات، كلزوم تغير إرادته تعالى، واستلزامه الجهل، وغير ذلك مما ذكر في نسخ الاحكام الذي هو بداء تشريعي، كما أن البداء في التكوينيات نسخ تكويني، كما عن بعض الحكماء المتألهين قدس سره.
قال شيخ الطائفة المفيد (قده): (قول الإمامية في البداء طريقة السمع دون العقل، وقد جاءت الاخبار به عن أئمة الهدى عليهم السلام، و الأصل في البداء هو الظهور، قال الله تعالى: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، أي ظهر لهم. إلى أن قال: فمعنى قول الإمامية بدا لله في كذا أي ظهر منه في الامر الفلاني للناس كذا، وليس المراد منه تعقب الرأي، ووضوح أمر كان قد خفي عنه، وجميع أفعال الله تعالى الظاهرة في خلقه بعد أن لم تكن، فهي