منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٥١٢
المصداقية لا ترجع إلى شئ منهما، وهذا بخلاف الفرد المشتبه للشبهة المفهومية الدائرة بين الأقل والأكثر، إذ ليس فيه حجتان، بل لم تقم الحجة من طرف الخاص من أول الامر إلا على المتيقن وهو الأقل كارتكاب الكبيرة، فارتكاب الصغيرة لم تقم عليه حجة، و المفروض أن العام يشمل جميع أفراد العلماء مع القيود والحالات المفروضة لهم، والمتيقن خروجه من أفراده انما هو مرتكب الكبيرة، و المرتكب للصغيرة لم تقم حجة على خروجه، فالعام حجة فيه.
وان شئت فقل: ان العام حجة في الشك في أصل التخصيص أو التخصيص الزائد. وليس الامر كذلك في الشبهة المصداقية، إذ لا يرجع الشك فيها إليهما أصلا - كما تقدم آنفا - بعد العلم بمفهوم الخاص، وانما يرجع إلى انطباقه على الفرد المردد لشبهة خارجية أجنبية عن المفهوم.
وقد استدل لجواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية بوجوه أخرى:
الأول: قاعدة المقتضي والمانع، ببيان: أن العام مقتض للحجية في جميع ما يشمله من الافراد، والمخصص المنفصل مانع عن حجيته فيما ثبت فرديته للخاص. وأما في الافراد التي شك في خروجها عن العام كزيد العالم المشكوك فسقه مع عدم العلم بحالته السابقة، فالعام حجة فيها، لبناء العقلا على الاخذ بالمقتضي مع الشك في وجود المانع. وعليه، فيجب إكرام زيد في المثال تمسكا بعموم (أكرم العلماء).
وفيه: أن المقام أجنبي عن قاعدة المقتضي والمانع التي قيل ببناء العقلا عليها، وذلك لان موردها صورة العلم بوجود المقتضي و الشك في وجود المانع، وأما الشك في وجود المقتضي أو القطع بعدمه، فهو أجنبي عن