منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٧٦٩
المثبتة. هذا في الشبهة الحكمية التي منشؤها فقد الحجة على الحكم.
وكذا إذا كان منشؤها الأمور الخارجية كالشك في كون اللباس مما يؤكل لحمه، فإنه تجري فيها البراءة بلا كلام كجريانها في الشبهة الحكمية، فلو جرت البراءة في مانعيته ثبت إطلاق الصلاة بالنسبة إلى هذا اللباس، وعدم تقيدها بعدمه، ومن المعلوم كون هذا الأصل حينئذ مثبتا، فلا يجري، ولازم عدم جريانه وجوب الاحتياط في اللباس المشكوك فيه، وقد ذهب الجل بل الكل في هذه الاعصار إلى جواز الصلاة فيه.
وبالجملة: ينسد باب البراءة في الأقل والأكثر الارتباطيين مطلقا بناء على كون التقابل بين الاطلاق والتقييد التضاد أو السلب و الايجاب، لان إثبات أحد الضدين أو النقيضين بنفي الاخر بالأصل منوط بحجية الأصل المثبت.
وهذا بخلاف ما إذا كان التقابل بينهما العدم والملكة، فإنه لا يلزم إشكال الاثبات أصلا، لكون الاطلاق أمرا عدميا، إذ ليس نفي التقييد الا الاطلاق، فلا يكون الأصل مثبتا أصلا، فتأمل جيدا.
الخامس: أن المطلق المبحوث عنه في المطلق والمقيد - وهو الماهية القابلة للانطباق على كثيرين - لا يصدق على الاعلام الشخصية، و مع ذلك يتمسكون فيها بالاطلاق، والمراد بالاطلاق هناك انما هو بالنسبة إلى العوارض والطوارئ، وذلك ليس جز المدلول، بل هو خارج عنه، وانما يثبت الاطلاق بمقدمات الحكمة، كما لا يخفى.