مؤاخذته مترتبة على تنجز النهي بالحجة من علم أو علمي، فبدون التنجز لا أثر للنهي من جهة المبعدية، فتبقى مقربية المصلحة بلا مانع.
وبالجملة: المصلحة مقربة في ظرف عدم مبعدية المفسدة، فإذا ارتفعت مبعديتها، فلا محالة تكون المصلحة مقربة، لارتفاع المانع عن مقربيتها. ويكون المقام كالسراج المضيئ في الشمس، فان ضوءه غير محسوس، لكنه يظهر بعد غروب الشمس أو اختفائها في الغيم، وهذا بخلاف السراج المنطفئ، فإنه لا ضوء له حتى في الليل. ففرق واضح بين الفعل المشتمل على المفسدة فقط، وبين الفعل المشتمل على المصلحة المغلوبة بالمفسدة كمثال السراج، فلاحظ.
فالنتيجة: أن الفعل المشتمل على المصلحة المغلوبة ليس كالفعل المشتمل على المفسدة المحضة.
وثانيا: من أن الاندكاك الذي مرجعه إلى التأكد، وصيرورة المندك و المندك فيه وجودا واحدا منوط بالسنخية بينهما، كاندكاك ملاك الاستحباب في ملاك الوجوب، كنذر صلاة الليل، فان ملاك استحبابها يندك في ملاك الوجوب الناشئ من النذر، وكملاك الكراهة و الحرمة.
وأما مع عدم السنخية بين الملاكين كمفسدة الحرمة ومصلحة الوجوب، فإنه لا وجه للاندكاك مع تضادهما. نعم يكون الحكم تابعا لأقوى الملاكين مع بقاء الاخر على حاله من دون صلاحية للتأثير في تشريع الحكم على طبقه، فلو فرض ارتفاع الملاك الأقوى بمزاحم، فالملاك المغلوب يؤثر في التشريع.
وبالجملة: فما أفيد من الاندكاك أجنبي عما نحن فيه.