ثم إن ما أفاده من جريان الأصل في العدم المحمولي في المقام مبني على عدم تعنون العام بعنوان عدمي، كالمثال، فان المرأة التي ترى الحمرة إلى خمسين لم تقيد بقيد عدمي وهو عدم قرشيتها، والخاص انما أخرج المرأة القرشية، فالباقي تحت العام بعد التخصيص المرأة المعلوم عدم قرشيتها، والتي لم يثبت انتسابها إلى قريش، فأصالة عدم الانتساب إليه تثبت فردية هذه المرأة للعام، فتصير محكومة بحكمه، فعلى هذا المبنى لا يقيد العام بقيد عدمي إذا كان الخاص أمرا وجوديا، كقوله: (الا أن تكون امرأة من قريش)، ولا يقيد بقيد وجودي إذا كان الخاص أمرا عدميا، كقوله: (أكرم العلماء غير الفساق). والحاصل:
أن التخصيص مطلقا من المتصل والمنفصل واللفظي واللبي لا يوجب تعنون العام.
لكن هذا المبني غير سديد عند جل المحققين، وأن الصحيح هو تعنونه بعنوان وجودي أو عدمي حسب اختلاف الخاص إيجابا وسلبا. و الوجه في ذلك: أن أوصاف العام قائمة به قبل ورود الحكم عليه، حيث إنه قبل الحكم عليه ينقسم إلى تلك الأوصاف، بحيث يصح أن يقال:
(العلماء اما هاشميون واما غيرهم واما فلسفيون واما غيرهم) فإذا ورد على العام حكم، فان كان لتلك الأوصاف دخل في ذلك الحكم كان لها دخل في الموضوع لا محالة، بحيث يصير الموضوع مركبا من العام ووصفه كالعلماء العدول.
وان لم يكن لتلك الأوصاف دخل في الحكم، بأن يكون تمام الموضوع نفس طبيعة العالم كان الموضوع بسيطا غير ملحوظ معه شئ من الأوصاف القائمة به.