منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٥١٤
الشامل لجميع أفراده، فإذا شك في خروج بعض أفراده عنه ولو لأجل أمور خارجية، فمقتضى أصالة التطابق التي مرجعها إلى أصالة العموم التي هي من الامارات العقلائية عدم خروجه عن حيز العام، وبقاؤه على حكمه.
وفيه أولا: أنه لا مجال لهذا الأصل بعد تحكيم الخاص على العام، والقطع بعدم تطابق الإرادتين الاستعمالية والجدية، لخروج بعض أفراده عن حيزه يقينا، فلا تجري أصالة العموم بعد انكسار سورة حجية العام بالتخصيص حتى يتمسك بها في الشبهات المصداقية.
وثانيا: أن أصالة التطابق تستلزم تكفل العام لحكمين طوليين واقعي وظاهري وهو كما ترى، لتأخر الحكم الظاهري عن الواقعي بمرتبتين، فكيف يمكن أن يكون مثل (أكرم العلماء) ناظرا إلى الحكم الواقعي والظاهري المتأخر عنه برتبتين.
الثالث: أن تمامية الحجة من ناحية الشارع منوطة بثبوت الكبرى والصغرى معا، ولا تتم الا بهما، إذ الانبعاث والانزجار المترتبان على الاحكام البعثية والزجرية يتوقفان على العلم بالكبرى والصغرى معا، ضرورة عدم كفاية العلم بحرمة الخمر في الانزجار عن شرب المائع المردد بين الخل والخمر، بل لا بد في حصوله من العلم بالصغرى وهي كون هذا المائع خمرا، وكذا الانبعاث.
وفي المقام كبريان معلومتان إحداهما قوله: (أكرم العلماء) والثانية قوله: (لا تكرم الفساق من العلماء) وكل منهما وان كان ظاهرا في العموم، الا أن فردية زيد العالم للعام الأول معلومة، وللثاني مشكوك فيها، فضم هذه الصغرى المعلومة